الاصوليّة ـ ، من عدم تبعيّة الدّلالة الالتزاميّة للمطابقيّة إلّا في مجرّد الوجود لا في الحجّيّة ـ أيضا ـ وهو أنّ الدّلالة الالتزاميّة وإن كانت دلالة على اللّازم ، والدّلالة على اللّازم والحكاية عنه وإن كانت متفرّعة على الدّلالة على الملزوم والحكاية عنه بالمطابقة وتكون تابعة لها وفي طولها ، إلّا أنّ الدّلالتين كليتهما حكايتان وفردان من الكشف والظّهور ، فتكونان مشمولتين لأدلّة الاعتبار والحجّيّة في عرض واحد ورتبة واحدة ، لا طوليّة ولا تبعيّة بينهما من هذه النّاحية.
وعليه : فلا يلزم من سقوط إحدى الدّلالتين عن الاعتبار والحجّيّة لأجل المانع ، سقوط الاخرى عنها بلا مانع ، ففي الخبرين المتعارضين أو الدّليلين الآخرين تسقط الدّلالة المطابقيّة منهما عن الحجّيّة لأجل المعارضة ؛ وأمّا الدّلالة الالتزاميّة فلا معارض لها حتّى تسقط ـ أيضا ـ بالمعارضة ، فتبقى بحالها نافية.
نعم ، ذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى نفى الثّالث ـ أيضا ـ لكن بأحد المتعارضين لا بهما ، بمعنى : أنّ المتعارضين وإن كانا ساقطين في مدلوليهما المطابقيين ، إلّا أنّ حجّيّة أحدهما لا بعينه صالحة لنفي الثّالث. (١)
وفيه : أنّ الأحد لا بعينه ، إمّا يراد به المفهوميّ ، أو المصداقيّ :
والمفهوميّ منه ممّا لا شأن له ، ووزانه وزان سائر المفاهيم ممّا لا يصلح للحجّيّة ؛ والمصداقيّ منه لا وجود له في الخارج كي يكون حجّة ؛ بمعنى : أنّ عنوان أحدهما أمر انتزاعيّ فاقد للمصداق الخارجيّ ، فلا معنى لحجّيّته ، فإذا فرض عدم حجّيّة هذا الخبر وذاك لأجل التّعارض ، فمن أين يجيء أحدهما ويصير حجّة نافية للحكم الثّالث.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٨٥.