تنجّس الثّوب بالبول ، واحتمال النّجاسة بسبب آخر ، كوقوع الدّم ، أمر آخر أجنبيّ عن البيّنة المفروضة ، فيندفع باستصحاب الطّهارة أو بقاعدتها ، فليس مدلولا التزاميّا للبيّنة.
وأمّا الثّاني ، فلأنّه لا اشتراك للبيّنتين في نفي الثّالث ؛ إذ البيّنة المدّعية لكون الدّار ملك عمرو ، تدلّ التزاما على عدم كونها لزيد لكن لا مطلقا ، بل العدم اللّازم لكونها ملك عمرو ، وكذا البيّنة المدّعية لكون الدّار ملك بكر ، تدلّ على عدم كونها لزيد ، لكن لا مطلقا ، بل العدم اللّازم لكونها ملك بكر ، فالبيّنتان متعارضتان في المدلول الالتزاميّ ـ أيضا ـ فتتساقطان بالمرّة ، والنّتيجة ثبوت ملكيّة دار لزيد ؛ والعجب أنّه قدسسره أشار إلى هذه النّكتة ، أيضا.
هذا كلّه بناء على القول بالطّريقيّة في حجّيّة الأمارات ، وهو الحقّ.
وأمّا بناء على القول بالسّببيّة والموضوعيّة ، فعن الشّيخ الأنصاري قدسسره أنّ التّعارض حينئذ يندرج في باب التّزاحم مطلقا ، فيصير المتعارضان متزاحمين ، وعليه ، فمقتضى القول بالسّببيّة هو التّخيير لا التّساقط. (١)
ولكن ذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى التّفصيل وأنّ التّعارض ـ بناء على السّببيّة ـ يدخل في باب التّزاحم على بعض التّقادير. (٢) والحقّ عدم دخول التّعارض بناء عليها في باب التّزاحم مطلقا ، بل على هذا المسلك ـ أيضا ـ يجري حكم التّعارض من التّساقط بحكم الأصل والقاعدة العقليّة.
توضيح ذلك : أنّ السّببيّة المتصوّرة في الأمارة على أقسام ثلاثة :
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ٣٧.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٨٥.