وإن شئت ، فقل : إنّ العلم الإجماليّ تعلّق بتكليف لو تعلّق به العلم التّفصيليّ لنجّزه ؛ وذلك ، لعدم تعلّق الاضطرار بما تعلّق به التّكليف ، نعم ، لا تجب الموافقة القطعيّة لعدم إمكانها ، ولكن تحرم المخالفة القطعيّة لإمكانها.
فتحصّل : أنّ الاضطرار لا يوجب انحلال العلم الإجماليّ وارتفاع تنجيزه ، لعدم اتّحاد متعلّق التّكليف والاضطرار ، فلا مجال للتّرخيص في جميع الأطراف فعلا أو تركا ، لاستلزامه الإذن في المخالفة القطعيّة وارتكاب المعصية بلا شبهة.
نعم ، لا يمكن الموافقة القطعيّة والاحتياط التّام الكامل ؛ بداهة ، أنّ ارتفاع الاضطرار يتوقّف على ارتكاب بعض الأطراف أو تركه ، فلا محيص من التّرخيص بمقدار ارتفاعه.
ونتيجة ذلك : أنّ ما اختاره المكلّف إن كان منطبقا على الحلال الواقعيّ ، فالحرمة الواقعيّة في الطّرف الآخر باقية بحالها ، وإن كان منطبقا على الحرام الواقعيّ ، فالحرمة الواقعيّة لا ترتفع لعدم الاضطرار إلى الحرام ، إلّا أنّ الجهل بالحرام الواقعيّ مستلزم للتّرخيص الظّاهريّ في ارتكابه ، وهذا يوجب ارتفاع العقاب فقط ، دون ارتفاع الحرمة الواقعيّة.
هذا ، ولكن التزم المحقّق النّائيني قدسسره في المقام بارتفاع الحرمة واقعا على تقدير مصادفة ما يختاره لرفع الاضطرار مع الحرام الواقعيّ ؛ بتقريب : أنّ المكلّف إذا اختار الحرام الواقعيّ اتّفاقا ، يصير ذلك الحرام مصداقا للمضطرّ إليه قهرا بعد ما كان المضطرّ إليه هو عنوان الجامع وأحد الإنائين ـ مثلا ـ ، وعليه ، فترفع الحرمة الواقعيّة لأجل الاضطرار واقعا. (١)
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ١٠٦ و ١٠٧.