ذهب الشّيخ الأنصاري قدسسره إلى التّعدّي بوجوه ثلاثة : (١)
الوجه الأوّل : أنّ المناط في التّرجيح بمثل الأصدقيّة والأوثقيّة هو الأقربيّة إلى الواقع وليس أمرا تعبّديّا محضا ، فيتعدّى إلى كلّ ما يشتمل على هذا المناط.
وفيه : ما عرفت سابقا من عدم مرجّحيّة الأوصاف في باب التّعارض وإنّما تكون من المرجّحات في باب فصل الخصومة والقضاء. اللهمّ إلّا أنّ تلغى الخصوصيّة ، فتأمّل.
الوجه الثّاني : أنّه قد علّل الأخذ بالمجمع عليه ـ في المقبولة ـ بكونه ممّا لا ريب فيه ، والمراد بنفي الرّيب نفيه بالإضافة إلى الشّاذ ، ومعناه : أنّ الرّيب المحتمل في الشّاذ غير محتمل فيه ، وعليه ، فالتّعليل يكون معمّما موسّعا يجب الأخذ بمقتضاه بكلّ مزيّة موجبة لنفي الرّيب فيما يشتمل عليها من الخبر.
وفيه : ما عرفت سابقا من أنّ كون أحد الخبرين مجمعا عليه أو مشهورا ليس بمعنى الإجماع والشّهرة الاصطلاحيّين ، بل المراد من المجمع عليه هو الخبر الّذي اجمع على صدوره من المعصوم عليهالسلام فكان مقطوع الصّدور ، وكذا المراد من المشهور هو الخبر الواضح الصّدور ، وفي قبالهما الخبر الشّاذ النّادر المخالف المعارض لهما ، فلا يكون حجّة ، بل يكون لا حجّة ساقطا عن الحجّيّة بالمرّة ، فإذا ليس المجمع عليه أو الشّهرة من المرجّحات حتّى يتعدّى منها إلى غيرها ، بل يكونان من المميّزات للحجّة عن اللّاحجّة ، مضافا إلى أنّ المقبولة المشتملة على العلّة المذكورة مختصّة ـ صدرا وذيلا ـ بباب القضاء وفصل الخصومة على ما مرّت إليه الإشارة.
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ٧٥ إلى ٧٨.