خروج أحد أطرافه عن ابتلاء المكلّف ، لا علم بتكليف فعليّ في البين ، لاحتمال تعلّق الخطاب بذلك الطّرف الّذي خرج عن محلّ الابتلاء ، فتصير الشّبهة بالنّسبة إلى الطّرف الآخر بدويّة تجري فيها البراءة.
هذا ولكنّ الصّواب عندنا ، أنّ الخروج عن محلّ الابتلاء كالاضطرار وفقد أحد الأطراف ونحوهما من الأعذار ، فلا حاجة إلى الإعادة والتّكرار.
الأمر الثّاني : أنّه إذا شكّ في الابتلاء وعدمه ، كان المرجع هو البراءة ، لأجل عدم القطع بالاشتغال ، لا إطلاق الخطاب ؛ إذ الإطلاق إنّما يرجع إليه إذا شكّ في تقييده بعد الفراغ عن أصل صحّته بدونه ، وأمّا إذا شكّ في أصل صحّته نظرا إلى الشّكّ في تحقّق ما يعتبر فيها من الابتلاء ، كما هو مفروض الكلام ، فلا يكون مرجعا.
هذا ، ولكن ذهب الشّيخ الأنصاري قدسسره إلى أنّ المرجع في الفرض هو الإطلاق ، بدعوى : أنّ الرّجوع إلى البراءة ليس بأولى من الرّجوع إلى الإطلاق ، حيث إنّ المسألة هنا يرجع إلى أنّ المطلق المقيّد بقيد مشكوك التّحقّق ، هل يجوز التّمسّك به ، أم لا؟ وواضح أنّه يجوز التّمسّك به في مثل ذلك. (١)
والصّحيح هو ما اختاره المحقّق الخراساني قدسسره من كون المرجع في الفرض هو البراءة ؛ وذلك ، لأنّ الشّكّ هنا ليس إلّا شكّا في التّكليف الفعليّ ، حيث تنوط فعليّته بالابتلاء ، ومع الشّكّ فيه ، يشكّ فيها ، فتجري البراءة ، ولا مجال للأخذ بالإطلاق هنا ، لكون قيد الابتلاء من القيود المصحّحة للخطاب بحيث لولاه لما صحّ الخطاب بدونها ، بل الخطاب حسب مقام الثّبوت مقيّد بمثل هذا القيد ، كتقييده بالقدرة
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ٢٣٧.