أجاب عليهالسلام بنحو الاستفهام الإنكاري بقوله : «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة ...» ، ويشهد لما قلناه هو أنّه عليهالسلام لم يقل : أمن أجل مكان واحد يباع فيه الجبن المصنوع بالميتة ، فعلم منه أنّ المقصود هو المكان الّذي يصنع فيه الجبن بالميتة ويعرض على الأسواق ، لا أنّه يباع فيه ، أيضا.
هذا ، ولكن يشكل على الرّواية من جهة ضعف السّند ، لاشتماله على «محمّد بن سنان» الّذي لم تثبت وثاقته ، وعلى «أبي الجارود» الّذي وردت فيه روايات دالّة على ذمّه ، تضمّن بعضها كونه كذّابا كافرا. (١)
الأمر الثّاني : الإجماع الّذي ادّعى الشّيخ الأنصاري قدسسره نقله مستفيضا (٢) وجعل قدسسره كافيا في المسألة.
وفيه : أنّه لو سلّم كون نقله مستفيضا ، لكنّه لا يفيد في المقام ؛ بداهة ، أنّه ليس إجماعا تعبّديّا كاشفا عن رأي المعصوم عليهالسلام ، بل يكون مستندا إلى أحد الامور الّتي استدلّ بها في المقام ، أو لا أقلّ من احتمال استناده إليه ، فالإجماع حينئذ إمّا يكون مدركيّا أو محتملا له.
الأمر الثّالث : أنّ الاحتياط التّام يوجب العسر أو الحرج أو الضّرر ، وكلّ ذلك منفيّ بالأدلّة الشّرعيّة ، كقوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٣) وقوله عزوجل : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٤)
__________________
(١) راجع ، اختيار معرفة الرّجال : ص ٢٣٠ ، ح ٤١٦.
(٢) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٣) سورة البقرة (٢) ، الآية ١٨٥.
(٤) سورة الحجّ (٢٢) ، الآية ٧٨.