إنسان ، والآخر ميّت حيوان مذكّى من مأكول اللّحم ، فالعلم الإجماليّ بحرمة أكل أحد الجسدين وإن كان منجّزا بالنّسبة إلى حرمة الأكل ، فيجب الاجتناب عن أكل لحم كلّ منهما ، لكنّه لا يكون منجّزا بالنّسبة إلى وجوب غسل مسّ الميّت إذا مسّ أحدهما ؛ إذ الموضوع التّامّ لوجوب الغسل هو مسّ ميّت الإنسان ، لا مجرّد وجود ميّت الإنسان في البين ولو بنحو الإجمال ، والمفروض ، أنّ هذا المسّ مشكوك ، لاحتمال كون الممسوس ميّت الحيوان المذكّى ، فالأصل عدم المسّ.
والوجه في هذا التّفريق ، أنّه بناء على تقدير العلم بالتّكليف الفعليّ في البين ، كما في فرض تعلّق العلم بالموضوع التّامّ ، يكون الشّكّ في كلّ من الأطراف شكّا في الانطباق ، بمعنى : أنّ ذلك التّكليف المعلوم بالإجمال ، هل هو هذا ، أو ذاك؟ فلا مجال معه لإجراء الأصل النّافي له في جميع الأطراف ، لكونه ترخيصا في المعصية القطعيّة ومخالفة التّكليف الواصل إلى المكلّف بالحجّة ، وكذا لا مجال معه ـ أيضا ـ لإجراء الأصل النّافي في بعض الأطراف ؛ وذلك ، للمعارضة بلا وجود ترجيح في البين ، فالاشتغال اليقينيّ يقتضي الفراغ كذلك.
وأمّا بناء على تقدير عدم العلم بالتّكليف الفعليّ ، كما في فرض تعلّق العلم بالموضوع النّاقص ، فالشّك يرجع إلى الشّكّ في أصل التّكليف ، والمرجع حينئذ هو الأصل النّافي له.
هذا كلّه واضح لا إشكال فيه من ناحية الكبرى ، إنّما الإشكال من ناحية الصّغرى ، فقد وقع النّزاع في موارد بأنّها هل تكون صغرى لتلك الكبرى أم لا؟ فقد يقال : بكونها من موارد العلم الإجماليّ بالتّكليف الفعليّ وأنّها من موارد العلم بتمام