موضوعا على حدة للنّجاسة تعبّدا ، قبال الملاقى (بالفتح) قد حكم الشّارع بوجوب الاجتناب عنه ، كحكمه بوجوب الاجتناب عن الملاقى (بالفتح) فللملاقي (بالكسر) نجاسة ، وللملاقى (بالفتح) نجاسة اخرى ، نظير ما للكلب من النّجاسة ، قبال ما للخنزير منها ، فإذا لا نجاسة للملاقي (بالكسر) من ناحية السّراية من الملاقى (بالفتح) بلا فرق في هذا الاحتمال بين القول بكون النّجاسة أمرا واقعيّا كشف عنه الشّرع الأنور ، وبين القول بكونها أمرا تعبّديّا محضا ، مجعولا من قبله ، كما لا يخفى.
الثّاني : أن تكون نجاسة الملاقي (بالكسر) ناشئة من نجاسة الملاقى (بالفتح) نشوء المعلول من العلّة ، بمعنى : عدم كون الملاقي فردا آخر من النّجس بنحو الاستقلال ، بل هو يكون في طول نجاسة الملاقى (بالفتح) على وجه العلّية أو الإعداد.
وهذا الاحتمال واضح بناء على كون النّجاسة أمرا واقعيّا كشف عنه الشّرع ، وأمّا بناء على كونها أمرا اعتباريّا وضعيّا عرفا أو شرعا ، فيقال في تقريبه : كما أنّ نفس النّجس له نحو خصوصيّة يعتبر لأجلها نجاسته عرفا أو شرعا ، فكذلك لملاقيه نحو خصوصيّة ـ بمعونة الملاقاة ـ يعتبر لأجلها نجاسته وقذارته حسب العرف أو الشّرع.
ولا يخفى عليك : أنّ هذا الاحتمال ليس من باب السّراية والانبساط ؛ ضرورة عدم سراية العلّة إلى المعلول ، بل يكون من باب نشوء حركة المفتاح من حركة اليد ، وقد يعبّر عنه بالسّراية ، بمعنى : الاكتساب.
الاحتمال الثّالث : أن تكون نجاسة الملاقي (بالكسر) من باب السّراية والاتّساع ، بأن تتّسع دائرة نجاسة الملاقى (بالفتح) بالملاقاة ، كاتّساع دائرة نجاسة الماء النّجس إذا اتّصل بماء قليل طاهر ممتزج معه ، فإذا لا تكون نجاسة الملاقي فردا آخر