في الجزء العاشر ، فتجري فيه البراءة.
وبالجملة : أنّ الحقّ المختار في المسألة هو جريان البراءة العقليّة في وجوب الأكثر لتماميّة المقتضي ، وهذا ممّا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال في جريانها من جهة فقد المانع ، فقد ذكروا أنّ هنا جهات تمنع عن إجراء البراءة العقليّة :
الاولى : ما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره من أنّ انحلال العلم الإجماليّ مستلزم لمحذور الخلف أو محذور استلزام وجود الانحلال عدمه ، أمّا محذور الخلف فبتقريب : أنّ مقتضى كون التّكليف بالنّسبة إلى الأقلّ متيقّنا ، سواء كان لنفسه أو لغيره ، هو لزوم فرض تنجّز التّكليف مطلقا ولو كان متعلّقا بالأكثر ، فلو كان وجوب الأقلّ ، كذلك ، مستلزما لعدم تنجّزه فيما إذا كان متعلّقا بالأكثر ، يلزم خلاف ما فرض أوّلا ، وأمّا محذور استلزام وجود الانحلال عدمه ، فلأنّ مقتضى فرض عدم تنجّز الأكثر هو عدم وجوب الأقلّ مطلقا ـ حتّى إذا كان التّكليف متعلّقا بالأكثر ـ وواضح ، أنّ عدم وجوب الأقلّ كذلك ، معناه : عدم الانحلال. (١)
قد أجاب عنه قدسسره بعض الأعاظم قدسسره بما حاصله : أنّ الانحلال لا يتوقّف على تنجّز التّكليف بالنّسبة إلى الأكثر ، بل إنّما يتوقّف على العلم بوجوب ذات الأقلّ على كلّ تقدير ، سواء كان وجوبه في الواقع مطلقا مأخوذا بنحو لا بشرط عن الانضمام ، أو كان وجوبه في الواقع مقيّدا مأخوذا على نحو بشرط الانضمام ، فالمعلوم هو ذات الأقلّ ، والمشكوك هو كونه مطلقا أو مقيّدا ، وحيث إنّ الإطلاق لا يكون مجرى للبراءة ، لأنّه ليس أمرا ثقيلا ولا أنّ رفعه موجبا للامتنان ، فالأصل جار بالنّسبة إلى
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٢٨.