أتي بالأكثر بقصد الأمر الجزمي ، يلزم التّشريع المحرّم ، فلو أتي بقصد الأمر الاحتماليّ يلزم عدم القطع بحصول الغرض ، لاحتمال دخل قصد الوجه فيه.
وبالجملة : تحصيل القطع بحصول الغرض في المقام غير ممكن ، فلا يبقى في البين إلّا الحذر من العقاب وتحصيل المؤمّن منه ، والعقاب على ترك الأكثر ، مندفع بالأصل وقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
هذا ، ولكن لا يخفى ضعف هذين الجوابين : أمّا الأوّل : فلأنّه جدليّ ، حيث إنّ جواز رجوع الأشعريّ ومن تبعه إلى البراءة بحكم العقل ، لا يجدي القائل ببطلان مسلكه ، كما عن المشهور من العدليّة.
وأمّا الثّاني : فلوجوه ، منها : أنّ ما ذكره قدسسره من عدم إمكان القطع بحصول الغرض إنّما يتمّ في التّعبّديّات ، لا في التّوصّليّات ؛ بداهة ، عدم اعتبار قصد الوجه فيها ، فإذا يلزم القول بالاحتياط في التّوصّليّات دون التّعبّديّات ، وهذا التّفكيك ممّا لم يلتزم به أحد حتّى الشّيخ الأنصاري قدسسره.
ومنها : أنّ اعتبار قصد الوجه ـ لو قيل : به ـ مختصّ بصورة الإمكان ، لا مطلقا حتّى على تقدير عدم إمكانه ، لأجل عدم معرفة الوجه ، كما هو كذلك في المقام ، وإلّا لزم عدم إمكان الاحتياط رأسا وعدم حسنه أصلا في أمثال المقام ؛ إذ لا يمكن قصد الوجه في الاحتياط ، فلا يحصل العلم بفراغ الذّمّة حينئذ عن الشّغل اليقينيّ بالتّكليف المعتبر فيه قصد الوجه ، مع أنّك ترى ، أنّ الاحتياط ممكن وحسن هنا عند الكلّ حتّى الشّيخ الأنصاري قدسسره ، ولا كلام فيه ، نعم ، وقع الكلام بين الأعلام من جهة وجوب الاحتياط وعدمه ، وهذا غير إمكانه وحسنه.