فاعلم ، أنّ الأجزاء التّحليليّة على أنواع ثلاثة :
أحدها : أن تكون من قبيل شرط المأمور به المنتزع عن أمر خارجيّ وله ما بحذائه في الخارج ، كالطّهارة المنتزعة من الوضوء والغسل والتّيمّم.
ثانيها : أن تكون من قبيل خصوصيّة الموضوع القائمة به ، العارضة له بلا كونه من مقوّماته ، كالإيمان بالنّسبة إلى الرّقبة.
ثالثها : أن تكون من قبيل خصوصيّة الموضوع القائمة به ، العارضة له مع كونه من مقوّماته ، كالنّاطقيّة للحيوان ، والظّهريّة لصلاة الظّهر ، والعصريّة لصلاة العصر.
والحقّ أنّه إذا شكّ في دخل شيء من تلك الأنواع الثّلاثة في الموضوع ، تجري فيه البراءة ، عقليّة كانت ، أو نقليّة ، نظير ما إذا شكّ في الصّلاة على الميّت ، هل الواجب هي الصّلاة مطلقا أو هي مع الطّهور ، فترفع الشّرطيّة بالبراءة ، وكذا نظير ما إذا شكّ في أنّ الواجب ، هل هي عتق الرّقبة مطلقا ، أو عتق الرّقبة المؤمنة ، فترفع خصوصيّة الإيمان بالبراءة ، وكذا نظير ما إذا شكّ في أنّ الواجب ، هل هو إطعام مطلق الحيوان أو الحيوان النّاطق ، فترفع خصوصيّة النّاطقيّة بالبراءة.
والحريّ هنا ، ذكر الدّليل على جريان كلّ واحد من البراءة العقليّة والنّقليّة في المقام ، فنقول :
أمّا البراءة العقليّة ، فالدّليل عليها هو أنّها تجري في كلّ مشكوك لو اخذ في موضوع الدّليل ، كان اللّازم هو لحاظه واعتباره في الموضوع ثبوتا (مقام الجعل والتّشريع) وبيانه إثباتا (مقام الإيصال والتّبليغ) من غير فرق فيه بين المنتزع عن خارج ، كالطّهارة المنتزعة من الغسلات والمسحات ، وبين المنتزع عن خصوصيّة في