الموضوع ، عارضة له ، غير مقوّمة أو مقوّمة له ، فتجري البراءة العقليّة في جميع ذلك لو لم يتمّ البيان ولم تنهض الحجّة في مقام الإثبات ، كما هو المفروض ، وإلّا يلزم العقاب بلا بيان وهو قبيح بحكم العقل.
هذا ، ولكن ذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى عدم جريان البراءة العقليّة في تلك الأنواع الثّلاثة ، بتقريب : أنّ الانحلال المتوهّم في الأقلّ والأكثر بالنّسبة إلى الأجزاء الخارجيّة لا يكاد يتوهّم هنا ؛ ضرورة عدم اتّصاف الأجزاء التّحليليّة بالوجوب المقدّميّ عقلا.
توضيح ذلك : أنّ الأجزاء الخارجيّة في مثل الصّلاة ، كالحمد والسّورة ونحوهما ، تتّصف بالوجوب الغيريّ ، فيقال : الأقلّ واجب قطعا ، إمّا بوجوب نفسيّ ، أو غيريّ ، فيشكّ في الزّائد عليه ، فتجري فيه البراءة ؛ وهذا بخلاف الأجزاء التّحليليّة ، فليس لها وجوب غيريّ كي يقال : ـ مثلا ـ الصّلاة على الميّت أو الرّقبة ، أو الحيوانيّة ـ مثلا ـ واجب قطعا ، إمّا بوجوب نفسيّ أو غيريّ ، فيشكّ في الطّهارة أو الإيمان أو النّاطقيّة ، فتجري فيه البراءة العقليّة ؛ وذلك ، لأنّه ليس للأجزاء التّحليليّة وجود على حدة ، وليس لها ما بحذائها في الخارج وليست بمقدّمة للكلّ ، بل هنا وجود واحد ، فالتّقييد والاشتراط لا وجود لهما خارجا غير وجود المجموع حتّى يقال : بوجوبهما نفسيّا ضمنيّا ، فضلا عن الوجوب الغيريّ المقدّميّ. (١)
وفيه : أوّلا : أنّه لا مجال للوجوب الغيريّ في الأجزاء الخارجيّة كي يوجب الفرق بينها وبين الأجزاء التّحليليّة في جريان البراءة ، بل الوجوب في كلّ منهما واحد
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٣٨.