الأكثر من جهة الشّكّ في الموضوع ، والمسألة من جهة جريان البراءة والاحتياط ، تارة تلاحظ مع الحكم النّفسيّ من الإيجابيّ أو التّحريميّ ، واخرى تلاحظ مع الحكم الغيريّ.
أمّا الحكم النّفسيّ الإيجابيّ ، فيختلف جريان البراءة والاحتياط فيه باختلاف تعلّق الحكم المردّد بالموضوع ؛ إذ هو على صور ثلاثة :
الاولى : تعلّقه بالطّبيعة على وجه الاستيعاب والاستغراق لجميع الأفراد ، بحيث يكون هنا إطاعات وعصيانات ، مثوبات وعقوبات.
الثّانية : تعلّقه بالطّبيعة على وجه العامّ المجموعيّ ، بحيث يكون هنا إطاعة واحدة ، وعصيان واحد ، مثوبة وعقوبة كذلك.
الثّالثة : تعلّقه بالطّبيعة من حيث هي هي ، أو على وجه صرف الوجود ، لا العموم الاستغراقيّ أو المجموعيّ.
أمّا الصّورة الاولى : فالحقّ فيها هو الحكم بالبراءة بالنّسبة إلى الزّائد المشكوك ، لا الاشتغال ، لما عرفت آنفا ، من أنّ هنا أحكام وموضوعات ، وكذا امتثالات وعصيانات متعدّدة ، ففي المثال المتقدّم يجب إكرام المعلوم علمه ، كما أنّه لا يجب إكرام المعلوم عدم علمه ، وأمّا المشكوك علمه ، فيشكّ في وجوب إكرامه ، وواضح ، أنّ هذا الشّكّ يرجع إلى الشّكّ في التّكليف ، فتجري فيه البراءة.
وتوهّم أنّ وظيفة المولى ليست إلّا بيان الكبرى (أكرم كلّ عالم) ، والمفروض أنّه قد بيّنها ، فعلى المكلّف ، الاحتياط والخروج عن عهدة تلك الكبرى المعلومة بإكرام من كان مشكوك العلم ـ أيضا ـ مندفع ، بأنّ هذا وإن كان صحيحا لا كلام