فيه ، إلّا أنّ قاعدة العقوبة على ترك التّكليف لا تجري بلا تماميّة الحجّة ، والمفروض ، أنّ الحجّة وإن قامت هنا على الكبرى ، لكنّ الصّغرى لم تقم حجّة عليها ، فلا تصحّ العقوبة على ترك التّكليف في موردها.
ولا يقاس المقام بموارد العلم الاجماليّ الّذي يجب الاحتياط فيه ؛ وذلك ، لأنّ الصّغرى في موارد العلم الاجماليّ معلومة إلّا أنّها مردّدة بين أمرين أو امور ؛ ولذا يجب الاحتياط فيه ، وهذا بخلاف المقام حيث إنّ الصّغرى غير معلوم هنا رأسا لا تفصيلا ولا إجمالا ، فلا مجال حينئذ للاحتياط ، وإن شئت فقل : إنّ الشّكّ في مورد العلم الاجماليّ راجع إلى الشّكّ في سقوط التّكليف ، فيجب الاحتياط ، وأمّا المقام فالشّكّ فيه راجع إلى الشّكّ في ثبوت التّكليف ، فلا يجب الاحتياط ، فتأمّل جيّدا.
أمّا الصّورة الثّانية : فالحقّ فيها ـ أيضا ـ هو جريان البراءة في الأكثر ؛ بداهة ، أنّ في مثل قولنا : «أكرم مجموع العلماء» إذا شكّ في علم زيد ـ مثلا ـ يرجع هذا الشّكّ إلى الشّكّ بين الأقلّ وهو أكرم مجموع العلماء ، سوى زيد ، وبين الأكثر وهو المجموع مع «زيد» ، نظير ما تقدّم في الشّبهة الحكميّة من الشّكّ في جزئيّة السّورة للصّلاة ، ولا ريب ، أنّ في مثل ذلك تجري البراءة.
وما عن الإمام الرّاحل قدسسره من أنّه لا محيص في هذه الصّورة عن الاشتغال ، بدعوى : أنّ ترك إكرام من يشكّ كونه عالما ، والاكتفاء على إكرام من علم كونه عالما ، يوجب الشّكّ في تحقّق هذا العنوان الّذي تعلّق به الأمر وقامت عليه الحجّة ، نظير الشّكّ في المحصّل (١) ؛ غير تامّ ، لأنّ عنوان المجموع عنوان انتزاعيّ ، ليس إلّا الآحاد
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٤١١.