الجامع إلى الفرد ، والكلي إلى المصداق ، لا نسبة المماثل إلى المماثل ، هذا في المفاهيم الاسمية.
أما في المفاهيم الحرفية : فالنسبة بين النسبة الموجودة في ذهن المتكلم ، والنسبة الموجودة في الخارج ، هي دائما نسبة المماثل إلى المماثل ، وليست نسبة الكلي إلى الفرد ، وذلك لأنه إن أخذت بما هي موجودة في لوح الوجود ، إذن هي فرد وذاك فرد آخر ، وإن التفت إليها بقطع النظر عن الوجود ، فهذا خلف ، لأنه ليس لها حينئذ تقرّر ماهوي.
إذن فلا يمكن أن تكون النسبة بين النسبة الذهنية هذه ، والنسبة الخارجية ، هي نسبة الكلي إلى الفرد ، بل هي متمحضة في نسبة المماثل إلى المماثل.
وهذا معنى ثالث من معاني القول المعروف : بأن معاني الحروف إيجادية ، ومعاني الأسماء إخطارية.
فالمعنى الاسمي يكون منطبقا على الخارج على حد انطباق الكلي على الفرد ، فكأنه أخذ من الخارج وأخطر في الذهن من الخارج.
وأمّا المعنى الحرفي لا يعقل انطباقه على الخارج ، بل هو فرد مماثل للخارج.
وحينئذ يعترض بسؤال ، وهو : إنه إذا كان المعنى الحرفي مغايرا ، وليس منطبقا على الخارج ، فكيف يحكي عنه؟.
والجواب : هو إنّ حكايته عنه ، إنما هي بتبع حكاية أطرافه ـ المعنى الاسمي ـ لأن المتكلم حينما ينظر إلى النار والموقد بالنظر التصوري ، يراها عين النار الخارجية ، وعين الموقد الخارجي. فهو يرى أن ناره هي الخارج ، وأنّ موقده هو الخارج. إذن فهو بهذا النظر يرى أنّ النسبة الذهنية هي عين النسبة الخارجية ، فهو يرى أنّ نسبته هي الخارج ، وهذا هو معنى حكاية المعاني الحرفية الذهنية عن النسب الخارجية.