الذاتية للفرد الآخر ، وللنسبة الأخرى ، فبقطع النظر عن الوجود ، هو فاقد لمقوماته الذاتية ، فليس له تقرر ماهوي ، وهذا بخلاف مفهوم النار والإنسان ، فإن المقومات الذاتية لهذه النار ، أو لهذا الإنسان ـ هو الحيوانية والناطقية ـ فبقطع النظر عن وجودها يمكن فرض حيوان ناطق ، ثم يحكم عليه بعد هذا بأنه موجود أو غير موجود ، فالمقومات الذاتية للمفهوم الاسمي ، مقومات مفهومية ، ولهذا كان لها تقرر مفهومي في مرتبة سابقة على الوجود. وأمّا المقومات الذاتية لشخص النسبة هو شخص وجود طرفيها ، فقبل وجود الطرفين لا ماهية أصلا لا إنه لا وجود
وهذا معنى من المعاني للقول المعروف : بأن المعاني الحرفية إيجادية ، والمعاني الاسمية إخطارية.
فالمعاني الاسمية إخطارية باعتبار أنها مفاهيم ، مقوماتها الذاتية مفهومية ، بحيث يمكن انحفاظها وأخذها موضوعا للقضية قبل أن يحكم عليها بالوجود أو بالعدم.
وأمّا أشخاص النسب ـ المعاني الحرفية ـ فمقوماتها هي أشخاص وجودات أطرافها ، فبقطع النظر عن هذه المقومات ، لا ذات أصلا ، لأن الذات إنما تنحفظ بمقوماتها ، فبقطع النظر عن عالم الوجود الذهني ، وعن مرتبة الوجود الاستعمالي لا ذات أصلا ، لا أن الذات محفوظة بمقوماتها ، لكنها غير موجودة.
المرحلة الخامسة : وهي آخر هذه المراحل ، وهي أيضا من فروع المرحلة الثالثة ، حيث تقدم البرهان على عدم إمكان انتزاع الجامع الذاتي بين هذه النسب ، وحاصل ذلك ، أنه يظهر فرق آخر بين المعاني الاسمية والحرفية ، فحينما أتصور النار ، والتفت إليها بقيد وجودها الذهني ، بما هي موجودة في ذهني ، تكون نسبتها إلى النار الخارجية ، نسبة الجزئي إلى الجزئي ، ونسبة المماثل إلى المماثل ، لأن هذا فرد ذهني وذاك فرد خارجي. لكن إذا التفت إلى النار في ذهني ، بقطع النظر عن قيد وجودها في ذهني. فالنسبة هي نسبة