المتكلم ، ليس لها تقرّر ماهوي في المرتبة السابقة على الوجود ، وبقطع النظر عن عالم الوجود ، بينما المفاهيم الاسمية لها تقرّر ماهوي في المرتبة السابقة على الوجود وبقطع النظر عن عالم الوجود.
وتوضيح ذلك : إنه بالإمكان عقد قضية موضوعها الماهية ، ومحمولها الوجود فنقول : النار وجدت في ذهن المتكلم ، وإن كانت الماهية والوجود بحسب الخارج هو شيء واحد ، لكن بالنظرة التحليلية ، نحلل هذا الوجود الذهني للنار إلى ماهية ووجود ، ونشكل قضية تحليلية موضوعها الماهية ، ومحمولها الوجود. ومعنى هذا : إنّ النار فرضت موضوعا في هذه القضية التحليلية ، ولوحظت بما هي فيها ، ثم يحكم عليها بالوجود ، وإنّ مفهوم النار في مرتبة وقوعه موضوعا ، له تقرّر في نفسه ، بقطع النظر عن الوجود ، وهذا ما نقصده بالتقرّر الماهوي ، فإنّ ما نقصده هو إمكان عقد قضية بالنظر التحليلي ، بحيث يكون موضوعها الماهية ، ومحمولها الوجود ، فيكون لماهية النار نحو من التقرر الماهوي في مرتبة وقوعها موضوعا لهذه القضية ، قبل أن يحكم عليها بالوجود.
وهذا التقرّر الماهوي ، يجري في باب المفاهيم الاسمية من قبيل مفهوم النار. وأما في المفاهيم الحرفية فهذا النحو من التقرر الماهوي غير معقول ، لأن النسبة الذهنية في ذهن المتكلم ، كما تقدم ، هي متقومة بشخص وجود طرفيها. ففي المرتبة السابقة على الوجود ، ليس لها تقرر ماهوي وذاتي ، فتقررها الماهوي في طول الوجود ، لا في مرتبة سابقة على الوجود ، ولو قطع النظر عن الوجود أصلا لا تقرر ماهوي لها ، يعني لا يمكن أن نفرضها ثم نقول : إنها موجودة تارة ، ومعدومة أخرى ، في حين أن النار يمكن فيها ذلك فنقول مثلا : النار موجودة ، أو معدومة.
وهذا الكلام ، بحسب الحقيقة من نتائج عدم إمكان تصور الجامع الذاتي النوعي بين النسب الثلاثة ، الذي بيناه في المرحلة الثالثة. فبعد البرهان على استحالة هذا الجامع ، قلنا : إنّ كل فرد له مقومات ذاتية مغايرة للمقومات