مربوط بموضوعه لا محالة ، ولكن ما ذكرناه هو اقتصار على محل الحاجة.
والآن إذا انتقلت هذه القضية إلى الذهن ، فلا إشكال أن تصوري لها لا يشتمل على تصور الظرفية ، والمظروفية ، والأينية ، التي هي مفاهيم اسمية. نعم هذه المفاهيم ، تدخل في التصور لو جئنا بلفظة ظرفية ، ومظروفية ، وأينية ، ولكن في المرتبة الأولى حينما أتصور ـ النار في الموقد ـ هذه المفاهيم خارجة عن تصور هذه القضية ، نعم بنظره ثانوية ننتزع عنوان الظرفية من الموقد ، وعنوان المظروفية من النار ، في مرتبة منشأ الانتزاع ، في المرتبة الأولى ، تصوري لم يكن تصورا لمفهوم الظرفية والمظروفية ، بل تصورا لشيء هو منشأ انتزاع ، بحيث يمكنني بنظر آخر أن أنتزع منه مفهوم الظرفية ، ومفهوم المظروفية ، والمكانية.
إذن لم يبق من هذه القائمة الخارجية إلّا الثلاثة الأولى : النار ، والموقد ، والربط.
وهنا نريد أن نبرهن على أن في عالم الذهن لا يوجد وجودان ذهنيان يوازيان وجودين خارجيين للنار والموقد. وذلك لأنه لو كان عندنا وجودان ذهنيان متغايران : أحدهما صورة ذهنية للنار ، والآخر صورة ذهنية للموقد ، فحينئذ لا يخلو الأمر من أحد احتمالات :
الاحتمال الأول : أن لا يكون بين هاتين الصورتين نسبة ، وهذا باطل لأن قولنا : النار في الموقد ، يصير من قبيل قولنا : النار الموقد. والحال إنه في القول الأول يوجد شيء ثالث غير موجود في القول الثاني.
الاحتمال الثاني : أن يكون بينهما نسبة ، وتكون هذه النسبة هي مفهوم النسبة المكانية ، لا واقع النسبة المكانية. وهذا أيضا باطل لأنه مفهوم اسمي كما تقدم توضيحه.
الاحتمال الثالث : أن يكون بينهما نسبة ، وهي النسبة المكانية الواقعية ، أي نسبة واقعية مماثلة للنسبة الخارجية. فكما أن النار الخارجية مظروف ،