والموقد الخارجي ظرف ، وبينهما نسبة الظرفية ، كذلك بين ناري الذهنية ، وموقدي الذهني نسبة الظرفية. وهذا أيضا غير معقول ، وغير صحيح. وذلك لأن النار الذهنية والموقد الذهني ، صورتان ذهنيتان من مقولة الكيف النفساني ، وليس أحدهما مكانا للآخر حقيقة ، فهذه الصور الذهنية كلها أعراض ، فهي ليست مكانية ، بل هي مجردة عن المكان. فالنسبة المكانية الواقعية بلحاظ الصور الذهنية أمر غير معقول.
الاحتمال الرابع : أن يكون بين الصورتين نسبة أخرى غير النسبة المكانية ، كنسبة الاقتران الزماني ، ففي زمان واحد تصورنا النار والموقد ، ولكن من المعلوم أن هذه النسبة مباينة مع النسبة المكانية الخارجية ، فكيف يعقل أن تكون حاكية عنها؟.
إذن فجميع الاحتمالات باطلة ، وبهذا يتبرهن أن النار والموقد ليسا موجودين في الذهن بوجودين متغايرين ـ اثنين ـ كما هو الحال في الخارج ، بل هناك وجود واحد في الذهن ، وهذا الوجود الذهني الوحداني ، هو وجود لماهية. وهذه الماهية إذا حلّلناها نقول : نار ، ونسبة ، وموقد.
فالنسبة جزء تحليلي في ماهية هذا الوجود الوحداني ، لا إنّ النسبة موجودة حقيقة في أفق هذه القضية المعقولة ، بحيث يوجد في الذهن ثلاث وجودات ، فكما أن الحيوانية والناطقية جزء تحليلي في ماهية وجود زيد الواحد في الخارج ، كذلك النسبة جزء تحليلي لهذا الوجود الذهني الوحداني ، لا جزء وجودي لهذا الوجود الذهني.
إذن فرق بين النسبة الواقعية ، والنسبة التحليلية ، فالمعنى الحرفي إن ادّعي أنه هو النسبة الحقيقية ، بحيث أن هناك في الذهن ثلاث موجودات وواحد منها هو النسبة فهذا غير صحيح.
ولعلّ هذا الذي دفع السيد الأستاذ أن يضرب عن المسلك المشهور وينتقل منه إلى تعبيرات التحصيص ، والتضييق ، ويحتمل أن يكون نظره إلى