ومتصوّر ، لما كان معنى للإضراب في عالم الخارج. فالنسبة الإضرابية ليس لها وعاء في الخارج ، وهذه النسبة الثانوية المدلول عليها بحرف الإضراب ، هي نسبة واقعية ذهنية ، لا نسبة تحليلية. ففي قولنا : (جاء زيد بل عمر) ، يختلف عن قولنا : (النار في الموقد). فهنا ليس في ذهننا وجود واحد هو وجود لزيد ولعمر معا ، بل وجودان ذهنيان متغايران : وجود ذهني للمضرب عنه وهو زيد ، ووجود ذهني آخر للمضرب إليه وهو عمر ، وبين الوجودين الذهنيين تقوم نسبة فنائية اندكاكية ، وهي النسبة الإضرابية.
ولا يأتي البرهان المذكور ، لأن النسبة الإضرابية قائمة في الذهن مع فرض طرفين وجوديين متغايرين ، بحيث يمكن إنشاء الربط بينهما ، لأن حاق النسبة ، هو عالم الذهن ، فهو موطنها. فهي تحصل بين الصور الذهنية بما هي حاكية عن الخارج ، وهذا بخلاف النسبة الظرفية ، والمكانية ، فإنه يستحيل قيامهما بين الصورتين الذهنيتين ، لا بما هما هما ، ولا بما هما حاكيتان ، لأن الصور الذهنية أعراض ، ويستحيل قيام النسبة المكانية بين عرضين.
إذن فالمختار في باب المعاني الحرفية : إنّ القسم الأول ، وهو النسب الأولية التي أصل موطنها هو الخارج ، يتعين فيه أن يكون مفاد الحروف النسب التحليلية ، لا النسب الواقعية الذهنية.
وإنّ القسم الثاني وهو النسب الثانوية التي ، أصل موطنها هو عالم الذهن ، يتعين فيه أن يكون مفاد الحروف النسب الواقعية الذهنية.