في ذهن السامع ، ومن الواضح أن ما نوجده دائما يكون فردا جزئيا خاصا لأن الكلي على سعته ، لا يعقل إيجاده في الخارج. وحينئذ لا يمكن أن نحصل إلّا على الصورة الذهنية في ذهن السامع لهذا الفرد الجزئي الخاص ، وتوهم أننا بإيجاد الفرد قد أوجدنا الكلي أيضا ، لأن الكلي موجود بوجود فرده ، فلما ذا لا نحصل على صورة ذهنية للكلي في ذهن السامع! هذا التوهم مدفوع ، لأننا أوجدنا الكلي في ضمن الفرد بوجود تحليلي ضمني ، فتكون الصورة الذهنية عند السامع موازية ومطابقة للوجود الخارجي الجزئي ، فكما أن الكلي في هذا الإيجاد الخارجي ، كان كليا (بشرط شيء) كذلك الكلي المحفوظ في الصورة الذهنية ، هو كلي (بشرط شيء) لا الكلي بحدّه ، ومن المعلوم أن الصورة الذهنية للكلي (بشرط شيء) مباينة للصور الذهنية للكلي (لا بشرط). نعم يمكن جعل هذه الصورة الذهنية للكلي (بشرط شيء) مقدمة إعدادية لذهن السامع لينتقل منها إلى صورة ذهنية للكلي (لا بشرط) ، وهذا بابه باب الحكاية ، لا باب الإيجاد. لأن هنا انتقالين ذهنيين وهذا باب الحكاية.
وأما في الوسيلة الحكائية فالأمر يختلف باختلاف الوضع والجعل : فقد يكون اللفظ موضوعا للجزئي فيحكي عنه ، وقد يكون موضوعا للكلي فيحكي عنه.
والفرق الثاني بين الوسيلتين : إنّه في موارد الوسيلة الإيجادية إذا أردنا أن نحضر معنى في ذهن السامع بالإيجاد ، ثم نجعله موضوعا في قضية ، فنحكم عليه بحكم ، فمثلا : لو فرضنا أننا أتينا (بتاريخ الطبري) ، ونريد أن نحكم عليه بأنه كتاب ، فبدلا من أن نقول : تاريخ الطبري كتاب ، الذي هو الوسيلة الحكائية ، نأتي بنفس (تاريخ الطبري) أمام السامع ونقول : (هذا كتاب).
وهنا لا بد من الالتفات إلى نكتة ، وحاصلها : إنه في مقام الحصول على قضية في ذهن السامع ، نحتاج إلى إحضار موضوع القضية ، ومحمولها ، والنسبة ما بينهما ، حينئذ أمّا المحمول فقد احضرناه بالوسيلة الحكائية ، وأمّا