التعييني ، حيث يستبعد جدا حصول الوضع التعييني بالتصريح من قبل النبي (ص). إذ لو كان قد حصل ، لنقل إلينا على ما يأتي. فبهذه المناسبة أبدى المحقق الخراساني شقا آخر في الوضع التعييني. ومن هنا وقع البحث الثبوتي في أن حصول الوضع بنفس الاستعمال ، هل هو أمر معقول أو غير معقول؟. والكلام في معقولية حصول الوضع بالاستعمال يقع على ثلاثة تقديرات :
١ ـ التقدير الأول : والكلام فيه يقع بناء على المسلك المختار في باب الوضع ، فقد تقدم إنّ الوضع أمر واقعي يوجده الواضع في ذهن السامع بقرن اللفظ بالمعنى ، قرنا أكيدا شديدا. وبناء على هذا التقدير ، فمن الواضح جدا معقولية إيجاد الوضع بالاستعمال ، فإنّ الاستعمال ليس إلّا وسيلة من وسائل القرن ، حيث يتوسل إليه الواضع تارة بالتصريح ، وأخرى بنفس الاستعمال ، فمعقولية إيجاد الوضع بالاستعمال في غاية الوضوح.
٢ ـ التقدير الثاني : هو إن الوضع أمر إنشائي فكما أن المعاملات أمور إنشائية تحصل بالإنشاء بقولك : «بعت» «وصالحت» ، كذلك الوضع علقة إنشائية تحصل بالإنشاء ، وفي هذا التقدير يوجد اتجاهان :
أ ـ الإتجاه الأول : وهو ما نقلناه سابقا عن السيد الأستاذ ، وحاصله : إن المطالب الإنشائية أمور نفسانية تبرز باللفظ ، فنسبة اللفظ إلى المطلب الإنشائي نسبة المبرز إلى المبرز ، لا نسبة السبب إلى المسبّب. فمثلا في باب البيع : هناك مطلب نفساني ، وهو اعتبار الملكية ، وهذا الاعتبار النفساني يبرز بقولك «بعت» وغيره.
ب ـ الإتجاه الثاني : وهو ما نسب إلى المشهور ، وحاصله : إن المطالب الإنشائية إيجادية يتسبّب إلى إيجادها باللفظ ، فبقولك «بعت» توجد شيئا لم يكن موجودا قبل التلفظ ، وغير ذلك من المعاملات.
فعلى الإتجاه الأول : لا يكون إيجاد الوضع بنفس الاستعمال أمرا معقولا ، لأن الاستعمال ليس أمرا نفسانيا بل هو أمر خارجي ، فالوضع لا بدّ