المبرز واللحاظ الآلي في عالم الإبراز ، فلم يجتمعا في عالم واحد.
وإن قلنا بالاتجاه الثاني : بأن المطالب الإنشائية أمور تسببية إيجادية باللفظ ، فأيضا لا يجتمع اللحاظان ، لأنه يوجد كما بينا استعمالان طوليان : الأول : استعمال اللفظ في المعنى ، والثاني : استعمال هذا الاستعمال في مقام الإنشاء ، واللحاظ في الأول آلي ، ولحاظ الاستعمال في الثاني استقلالي ، فلم يجتمع اللحاظان في مرتبة واحدة ، بل أولا لوحظ اللفظ والمعنى باللحاظ الاستعمالي الآلي ، وثانيا لوحظ نفس الاستعمال مرة أخرى بلحاظ آخر ، فهنا استعمالان طوليان فلم يجتمع كلا اللحاظين.
وأمّا بناء على التقدير الثالث فلم نتعقله في نفسه حتى نتكلم بناء عليه.
٢ ـ الإشكال الثاني : وحاصله : إن الاستعمال إمّا أن يكون حقيقيا ، وإمّا أن يكون مجازيا. والاستعمال في المقام ليس حقيقيا ولا مجازيا ؛ أما أنه ليس حقيقيا ، لأن اللفظ لم يكن بعد موضوعا لهذا المعنى حتى يكون الاستعمال فيه حقيقيا. وليس مجازيا لأن المجازية فرع العلاقة بينه وبين المعنى الحقيقي ، وهو بعد لم يحصل له معنى حقيقي. إذن فالاستعمال في المقام ليس حقيقيا ، وليس مجازيا فهو غلط لا محالة.
وقد يتوهم في مقام دفع هذا الإشكال : بأن الاستعمال هنا حقيقي ، لأن الوضع وإن كان يحصل بنفس الاستعمال فيكون في طوله ، ومعلولا له ، ولكنه مقارن له زمانا ، لأن المعلول يقارن العلة زمانا. وحيث أن الاستعمال علة للوضع فيتقارنان زمانا ، فيكون اللفظ مستعملا في المعنى الموضوع له بالوضع الحاصل في نفس آن الاستعمال ، وهذا كاف في صيرورة الاستعمال استعمالا حقيقيا.
والتحقيق أن يقال : بأن الاستعمال على نحوين : استعمال تفهيمي واستعمال غير تفهيمي.