نعترف بذلك فلعل المراد منها المعنى اللغوي ، فكيف يمكن إثبات كون المعاني قديمة وغير مستحدثة؟.
إلّا أنّ هذا الإشكال في غير محله وذلك بتقريبين :
التقريب الأول : إننا نسلّم بالحقيقة الشرعية ولو بلحاظ كثرة الاستعمال ، فنحن نسلم بأن لفظة «الصلاة» صارت حقيقة في المعنى الشرعي بعد مضي زمان ، ولو بكثرة الاستعمال ، فنجري أصالة الحقيقة في الآيات التي تحدثت عن وجود الصلاة في الشرائع السابقة ، ونثبت بأصالة الحقيقة أن المقصود بوجودها وجود المعنى الشرعي ، خصوصا الآيات المدنية التي نزلت بعد سنين ، وبعد أن تمّت كثرة الاستعمال ، وتحقق أنس وضعي استعمالي بين اللفظ والمعنى ، ومحل النزاع هو الوضع التعييني. ونحن نعترف بالوضع التعيني ، ونجري أصالة الحقيقة بلحاظ الوضع التعيني في هذه الآيات ، ونثبت أن هذه المعاني الشرعية كانت ثابتة قديما ، وعليه : فالنبي (ص) لم يكن هو المخترع ، إذن فلا موجب لتطبيق السيرة العقلائية عليه.
والتقريب الآخر هو : إنه يكفي الشك في المقام ، فإنّ هذه الآيات توجب احتمالا كبيرا بأن الصلاة بالمعنى الشرعي كانت موجودة في الشرائع السابقة ، والاحتمال يبطل الاستدلال ، فإن الدليل كان متوقفا على صغراه وكبراه ، فإذا نشأ احتمال كبير بأن النبي (ص) ليس مخترعا ، بل المعنى الشرعي للصلاة كان موجودا من الأول ، فهذا الاحتمال يكفي لإبطال الدليل ، وإن لم يتعين المعنى الشرعي.
أضف إلى ذلك قدم لفظة «الصلاة» وأمثالها ، والذي يقرّب هذا المدّعى أنّ العرب الذين كانوا يدينون باليهودية والنصرانية ، ويمارسون تلك المعاني الشرعية القديمة ، بما ذا كانوا يسمّون تلك المعاني؟. هل كان يعبّر عنها بالصلاة ، أو بغير الصلاة ، أو لم يكن يعبّر عنها بشيء؟.
أما إنه لا يعبر عنه بشيء فهذا غير صحيح ، إذ كيف كان يوجد فعل