شائع ، ولا يصطنع له أسلوب في مقام التعبير عنه؟.
وأما أنه كان يعبر عنه بغير كلمة «الصلاة» فهذا أيضا غريب ، لأنه لو كان يوجد كلمة أخرى تدل على هذا المعنى في لغة العرب ، وفي أعرافهم ، لما أمكن عادة أن تختفي هذه الكلمة دفعة واحدة بمجرد ظهور الإسلام ، بحيث لا يبقي لها أثر في القرآن ، ولا في الحديث ولا في الخطب فهذا غير محتمل عادة. نعم بعد أن جاء الإسلام استغني عن تلك الكلمة بالتدريج ، لكن هذا يتطلب الاختفاء التدريجي ، مع أنه لا يوجد في تراث العرب في صدر الإسلام كلمة أخرى تعطي هذا المعنى.
إذن فهذا أيضا بعيد جدا فالمتعيّن أنهم كانوا يستعملون لفظ «الصلاة» ، و «الصيام» ، ونحو ذلك ، في نفس هذه المعاني الشرعية ، وأن النبي استعمل ذلك بوصفه إنسانا عربيا ، وكذلك القرآن بوصفه كتابا عربيا.
وممّا يؤيد ذلك : أنه ورد في القرآن نسبة الصلاة إلى الكفار والمشركين ، حيث أن ظاهر القرآن أن هناك عملا كان المشركون يسمونه صلاة (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً.) لكن النبي (ص) يقول : إنّ هذا ليس بصلاة حقيقة ، وقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) لا يقصد منه إلّا الكفار بحسب ظاهر السياق.
ومما يؤيد ذلك أيضا : ورود كلمة «الصلاة» في (إنجيل برنابا) بقطع النظر عن صحته وعدمها. فهذا الشخص العربي الذي كتب هذا النص ، فقد عبّر عن المعنى الشرعي بالصلاة ، وهذا التعبير بنفسه يكون مؤيدا بأن هذا اللفظ بشخصه كان موجودا في البيئة العربية قبل الإسلام.
وهناك مؤيدات عديدة على أن هذه الألفاظ كانت موجودة قبل الإسلام ، فكلمة «الحج» من القطع أنها كانت موجودة ، لأنه عبادة عند تمام العرب ، فالمشركون منهم كانوا يتعبدون به في كل سنة ، وأحد أسماء السنة في لغة العرب هو «الحجّة» فيقولون : «ثمان حجج أي : ثمان سنين».