عليه على المنزل ، بينما هنا لا نرى شيئا من آثار المعنى يثبت للفظ ، فلا يعقل التنزيل حينئذ.
إلّا أن هذه المناقشة مدفوعة :
أمّا بالنسبة إلى الأمر الأول وهو أن اعتبار كون اللفظ وجودا للمعنى ، مرجعه إلى تنزيل اللفظ منزلة المعنى : فهو غير مسلّم ، فإن اعتبار كون اللفظ وجودا للمعنى لا يعني حمله على التنزيل ، وتوضيح ذلك يكون ببيان مقدمة مشابهة لمحل الكلام وهي :
إن الميرزا «قدسسره» ادّعى في بحث جعل الطرق والإمارات (١) ، أن خبر الواحد جعل علما وقطعا طريقيا ، وهناك أشكل على الميرزا الإشكال نفسه الذي أشكله السيد الأستاذ (٢) ، وحاصله : إن الإمارة إذا كانت قد اعتبرت علما وطريقا بتنزيل الشارع ، فلا بدّ حينئذ ، أن يكون هناك حكم شرعي للطريق ، حتى يسري بالتنزيل إلى تلك الإمارة ، مع أن القطع الطريقي ليس له أثر شرعي ، حيث أن أثره المنجّزية والمعذّرية ، وهما من حكم العقل لا الشرع ، فلا معنى لأن ينزل الشارع الإمارة منزلة القطع الطريقي.
وقد أجاب الميرزا «قدسسره» ، عن هذا (٣) : بأنّ المدّعى ليس هو أن الإمارة منزّلة منزلة القطع ، بل كونها فردا من القطع بالاعتبار ، وفرق بين المطلبين ؛ فمرة نفرض أن المولى قال جعلت الأمارة بمنزلة العلم والقطع ، وحينئذ يرد الإشكال المذكور ، ومرة أخرى لا يكون لسانه لسان التنزيل ، وجعل الإمارة بمنزلة القطع الطريقي ، بل لسانه لسان الاعتبار ، فيعتبر أنّ الأمارة علم وقطع. والاعتبار سهل المئونة ، لا يحتاج إلى أن يكون هناك أي أثر للمنزل عليه ، ليسري للمنزل ، وبهذا دفع الميرزا الإشكال.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ٤ ، ص ١٧٧ ـ ١٧٨ ـ ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ١٢.
(٣) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ٤ ص ١٧٨ ـ ١٧٩ ـ ١٨٠.