تعالى يمكن أن يقوم بعهدة هذه الاعتبارات ، والتعهدات ، والخصوصيات ، وهذا الاستبعاد في محله.
إلّا أن هذا الاستبعاد ، لا يأتي على مبنانا في تصور الوضع ، لأن الوضع ليس اعتبارات وتعهدات من هذا القبيل ، بل هو عبارة عن قرن اللفظ بالمعنى في تصور الإنسان ، وهذا مطلب يمكن أن يحصل حتى من الأطفال في يومنا هذا ، بأن يقرن ما بين اللفظ والمعنى مرارا عديدة ، فينتقل من اللفظ إلى المعنى ، فالبشر اقترن في أذهانهم ألفاظ متعددة بمعان متعددة على سبيل الصدفة ، بلا دخل منهم ، اقترن صوت الزئير بمعنى الأسد ، وبالتالي مع الرجل الشجاع ، وبهذا تكونت اللغة ، ثم توسعت بالتدريج. فهذا الإشكال في غير محله
الاستبعاد الثالث : وهو أيضا مبني على مباني العلماء في باب الوضع : والآن نفرض بأن الناس كانوا صامتين ، حتى بلغوا درجة من الوعي ، بحيث أنهم وضعوا تعهدات واعتبارات من هذا القبيل.
حينئذ نسأل : بأن هذه الاعتبارات والتعهدات كيف أبرزوها؟ وبأي لغة أبرزوها خارجا؟ كيف قال المتعهد ـ تعهدت متى ما قصدت تفهيم المعنى أتيت باللفظ ـ؟ أليست هذه كلها ألفاظا؟ أليست الألفاظ في دلالتها على المعاني محتاجة إلى أوضاع وتعهدات سابقة؟.
إذن قبل أي وضع عند ما بدأ بالوضع الأول ، عند ما كان يريد أن يضع المفردات الأولية (ماء ، هواء .... إلخ) ، حينئذ أيّ جملة كان يبرزها في مقام توضيح مراده! سواء أكانت لفظية ، أو جملة إشارية ، أليست هذه الجملة بنفسها بحسب الحقيقة لغة ، خصوصا أن هذه الجملة لغة ، ومحتوية على نكات كثيرة من الإسم ، والفعل ، والمادة ، والهيئة ، والنسبة التامة ، والناقصة ، هذه الجملة محتوية على نفائس اللغة ، بحيث لا يحصل عليها إنسان إلّا بعد أن يكون قد قطع أشواطا كثيرة في باب الوضع ، فكيف يكون قد حصل عليها إنسان إلّا بعد أن يكون قد قطع أشواطا كثيرة في باب الوضع ، فكيف يكون قد