استعمل هذه الجملة في أول وضع! خصوصا ، أنّ بعض المواد في هذه الجملة غير محسوسة من قبيل التعهدات القلبية ، والأمور الاعتبارية.
ومن المعلوم أن تفهيم هذه الأمور الغير محسوسة لا يكون إلّا بالتشبيه بالأمور المحسوسة ، وإلّا كيف يعبّر ابتداء عن المعنى النفسي الغير المحسوس؟
إذن : فينبغي أن يقال بناء على هذا لاستبعاد : إن الله تعالى هو الذي قام بهذه المهمة بدلا عن الإنسان ، وهذا الاستبعاد أيضا وجيه ، وفي محله ، بناء على مبانيهم في باب الوضع.
وأما بناء على مبنانا : فلا يأتي هذا السؤال ، لأنه لو طرح هذا السؤال كيف نشأت اللغة؟.
لقلنا : إنها نشأت من حيث لا يدري الإنسان ، لأن خلال تجربة الإنسان ، «الزئير بالصدفة» ، أصبح دالا على معنى من المعاني ، لأنه اقترن مع الأسد كثيرا ، فأصبح دالا عليه ، وبالتالي صار دالا على الرجل الشجاع ، وهكذا نشأت اللغة وتكونت ألفاظ ، وأخذ الواضع بعدها يستعين بهذه الألفاظ في مقام الوضع ، إذن فلا إشكال.
الاستبعاد الرابع : هو أننا نعرف أنّ اللغة تنشأ بين جماعة كثيرة من الناس ، وحينئذ نسأل : إنه حينما وضعت كلمة (ماء) مثلا لمعنى الماء ، هذا المطلب ، وهو اقتران اللفظة مع معناها ، هذا المطلب ، هل حصل مع إنسان واحد في ذهنه. أو أن كل الناس صدفة ومن باب توارد الخواطر حصل عندهم وفي أذهانهم نفس هذا المطلب نفسه ، بحيث كل واحد منهم قال ماء؟.
فإن كان هذا المطلب ، قد حصل عندهم بلا ربط واحد منهم بالآخر ، ومن باب توارد الخواطر ، إذن فهذا هو الإلهام ومعناه أن الله تعالى ألهمهم جميعا ، إذن فالواضع هو الله.
وإن كان هذا المطلب حصل عند واحد من الناس ، بحيث فكرّ ، وبطريقة