لحل العلم الإجمالي المذكور ، لأن المسألة ليست مسألة جعلهم للحجية وعدمها ، وإنّما المسألة هي ، أن هذا الظهور اقترن بما يكذبه ، وحينئذ فلا بدّ في مقام تقديم أحدهما ، من أن نعلم أنّ أيّهما الأقوى ليكون قرينة على رفع اليد عن الآخر أو ، لا.
ولمعرفة ذلك ، لا بدّ من الرجوع إلى العقلاء ، ومعه لا حاجة لمحاولة صاحب الكفاية لأنّ هذا غير مسألة أنّ العقلاء جعلوا الحجية أم لا ، فإنّ هذا إنما ينفع بعد استقرار الظهورين.
هذا حاصل الكلام في الإشكال الثاني.
وبهذا ثبت انّ ما أجيب به عن الإشكال الذي أوردناه على محاولة صاحب الكفاية لحل هذه المشكلة غير تام.
ثم إن هناك دليلا آخر يثبت احتياج ما ذكره صاحب الكفاية (قده) من البيان لحل المشكلة إلى السيرة العقلائية بعد الغض عمّا أوردناه عليه.
وحاصل هذا الدليل هو ، أن صاحب الكفاية (قده) تمسك بظهورين طوليين ، وكان الأول منهما هو ، ظهور اللفظ في كونه مستعملا في معناه الحقيقي وهو العموم ، ومثل هذا الظهور في محل كلامنا ، لا بدّ فيه من الرجوع إلى السيرة العقلائية لإثبات حجيته ، والوجه في ذلك هو أن الظهورات على قسمين :
الأول منها هو ، الظهورات الاعتيادية التي يرجع لها دائما ، وهذه مفروغ عن حجيتها ، فبمجرد إثباتها نطبق عليها كبرى حجية اصالة الظهور الثابتة بسيرة العقلاء.
والقسم الثاني هو ، الظهورات التي تكون مشتملة على خصوصية ، ونحتمل أن يكون العقلاء قد خصّصوا كبرى حجية الظهور وأخرجوا مثل هذه الظهورات من تحتها من أجل تلك الخصوصية كما خصّصوا الحجية بغير الظهورات التي يدور أمرها بين التخصيص والتخصص على بعض المذاهب.