ويبقى هناك ، معرفة انّه كيف بنى العقلاء على حجيّة العام في تمام الباقي.
والحاصل هو : أنه من مجموع ما ذكرنا تبين ان الصحيح في مقام علاج هذه المشكلة بصيغتها الأولى ـ وهي ما لو كنّا شاكين في حجيّة العام في الباقي ـ هو أن نرجع إلى السيرة العقلائية لرفع هذا الشك.
وبيان صاحب الكفاية (قده) ينبغي أن يورد في مقام علاج هذه المشكلة بصيغتها الثانية ، أي في تخريج الحجية كما سيأتي تحقيق ذلك ومدى صحية هذا البيان في هذا المقام.
ثم إنه لو تجاوزنا عن التقريبين السابقين ، فسوف يصح حينئذ كلام صاحب الكفاية في العمومات الاستغراقية دون المجموعية ، وذلك لأنه في الاستغراقية نجري أولا اصالة الحقيقة لإثبات استعمال اللفظ في العموم ، ثم نقول إن مقتضى اصالة التطابق هو أنه بقدر ما يمكن نفترض التطابق ، وبقدر ما لا يمكن نرفع اليد عنه ، ويصح ذلك فيه ، لأن الحكم المتعلق بالعام الاستغراقي ينحل إلى أحكام متعددة بعدد الأفراد ، فيبقى بعضها ونرفع اليد عن بعضها الآخر ، ولا منافاة.
بينما الحكم المتعلق بالعام المجموعي هو وجوب واحد استقلالي متعلق بالمجموع ، وينحل إلى وجوبات ضمنيّة تتعلق بالأجزاء.
وبعد التخصيص ، نسأل عن ماهيّة الوجوب المتعلق بتمام الباقي فيه ، هل هو وجوب استقلالي ، أم ضمني؟
والأول : لم يدل عليه اللفظ ، لأنّه ليس جزءا من مدلوله ، بل هو مباين للوجوبات الضمنيّة الثابتة في الباقي ، فاستعمال اللفظ فيه يحتاج إلى قرينة ، والمفروض أنّه لا يوجد قرينة ، والثاني : خلف ، لأنّ وجوب الباقي الضمني لا يعقل من دون وجوب الجميع الاستقلالي ، مع العلم ، أنّ بعض أجزاء الواجب الاستقلالي ليس بواجب ، يقينا ، لإخراج المخصص له عن كونه