لكن هذا البيان يمكن الاستشكال عليه ضمن تقريبين فنّيّين.
١ ـ التقريب الأول : هو أن يقال : إنّ كون الظهور انحلاليا ومتكثرا في مرحلة المراد الجدّي ، بحيث يسقط بعض عن الحجية ويبقى البعض الآخر ، فإنّ هذا لو كان صحيحا وكان هو التفسير المعقول لباب العمومات ، إذن لا نطبق على باب الأعداد والمركبات حرفا بحرف ، فالمتكلم قد يقول : «أكرم العلماء الأربعة أو الخمسة» ، فإنّه هنا أيضا عندنا مراد استعمالي ، وهو قصد تفهيم وجوب إكرام هذا العدد المخصوص ، وعندنا أيضا مراد جدّي ، وهو انّه حقيقة ، أراد إكرام هؤلاء الخمسة ، فلو فرض أن جاء دليل من الخارج وقال : «لا يجب إكرام زيد» ، الذي هو أحد الأربعة ، فمقتضى بيان صاحب الكفاية (قده) انّنا أيضا نقول بحجية العام في الباقي بنفس ذلك البيان ، وذلك بأن نقول : إنّ مقتضى اصالة الحقيقة هو ، أنّ كلمة الأربعة استعملت في الأربعة ، غاية الأمر ، انّ مسألة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت انحلاليّة ، لأنه في الحقيقة ، عندنا أربعة تطابقات بعدد الأربعة ، غاية الأمر ، هو أنّ التطابق الأول سقط ، وبقيت ثلاثة تطابقات ، فمقتضى ، القاعدة في المقام هو ، الالتزام بحجية العام في الباقي ، مع انّنا نرى بالوجدان ، إنّ هناك فرقا كبيرا بين هذا وذاك ، بمعنى انّ العرف لا يتحمل هنا ، الجمع بين أكرم الأربعة ، ولا تكرم زيدا الذي هو أحد الأربعة ، كما يتحمل الجمع بين «أكرم كل عالم» ، و «لا تكرم زيدا» ، وهذا الفرق ، بناء على مسلك صاحب الكفاية (قده) ، لا يمكن تفسيره.
ولكن لو بنينا في باب العمومات ، على أنها مستعملة في الباقي ابتداء ، أي على أنّ المخصّص يكشف عن الفرق في مرحلة المراد الاستعمالي ، وانّ اللفظ مستعمل في الخاص رأسا ، وان استعمال أداة العموم في الباقي ، صحيح عرفا ، ولو مجازا ، لكن استعمال الأربعة وإرادة ثلاثة غير صحيح ولو مجازا.
فهذا بنفسه يصير قرينة على أن تقبّل التخصيص هناك وعدم تقبّله هنا ،