ليس تقبله هناك على أساس انحلاليّة الظواهر في مرحلة المراد الجدي ، بل التخصيص دائما يؤثر في مرحلة المراد الاستعمالي ، فإن كان المراد الاستعمالي أبيا عن الحمل على غير الأربعة ، بأن يأبى عن الثلاثة مثلا ، إذن ، المخصص يكون معارضا ، وإذا كان لا يأبى عن ذلك ، فإنه حينئذ ، لا معارضة.
فهذا الفارق بين الموردين يكشف عن أن المسألة ليست مسألة ظهور الإرادة الجدية ، وإنما مسألة الظهور في الإرادة الاستعمالية.
وهذا الكلام ، وإن كان معقولا صورة ، إلّا أنّه غير تام ، لأنّ هذا الإنسان الذي استعمل العام وسكت عن المخصص في قوله ، «أكرم كل عالم» ، هو جاد بمقدار ، وهازل بمقدار ، والجدّ والهزل ، لا بدّ من الرجوع فيهما إلى فعل المكلّف والمتكلم ، إذن فلا بدّ أن يكون له فعلان ، أحدهما النطق بالعام ، والآخر السكوت عن المخصص.
لكن ما ذا نقول ، لو نطق بعام لا يقبل التخصيص ، وكان يريد بعض أفراد هذا العام ، وهم «العدول» ، مثلا فإنه هنا أيضا قد وقع منه جد في الجملة وهزل فيها أيضا.
وهنا لا يمكن أن يقال : بأنّ الجدّ هو صدور العام ، والهزل هو السكوت عن المخصص ، وذلك ، لأنّ العام هنا لا يقبل التخصيص حسب الفرض ، إذن الجد والهزل اجتمعا على نفس صدور العام منه.
فهذا البيان لا يصح جوابا في مقام فرضيّة الانحلاليّة.
٢ ـ التقريب الثاني : هو أن يقال : بأنّ الجدّ والهزل وإن كانا من شئون أفعال المتكلم ، لكن الفعل الواحد قد يتعنون بعناوين متعددة ، ويكون بلحاظ بعضها هزلا ، وبلحاظ بعضها الآخر جدا ، فمثلا ، القيام الواحد ، يمكن أن يكون لتعظيم أحد شخصين ، وللاستهزاء بالآخر ، والقيام فعل واحد ، لكن يختلف بحسب اللحاظ والحيثيات القائمة في الفعل الواحد.
ومن هنا ، فحالهما حال الصدق والكذب ، فقد يجتمعا في كلام واحد