الكفاية يرى أن العام بما هو عام لا ينقسم إلى هذه الأقسام ، لأن العموم معناه الشمول والاستيعاب ، وهذا يكون على نحو واحد. وأمّا خصوصية ، الاستغراقية ، أو البدلية ، أو المجموعية ، فهي حالات لكيفية تعلق الحكم بالعام بعد فرض الاستيعاب. إذ ان الحكم ، تارة يتعلق بالأفراد على نحو يختص كل فرد بحكم في عرض ثبوت الحكم السائر الأفراد ، وهذا هو العموم الاستغراقي. وأخرى ، يتعلق بكل فرد على نحو البدلية ، وهذا هو البدلي ، وثالثة يثبت حكم واحد لجميع الأفراد بما هي مركب ، وهذا هو المجموعي. وهذه النظرية غير تامة ، لأنها اعتبرت أن هذه الخصوصيات من شئون طرو الحكم ، وفي مرحلة لاحقة له ، مع أنه لا إشكال في كون البدلية والاستغراقية ، حالتين للعموم في مرتبة سابقة على طرو الحكم. أي في مرحلة المدلول التصوري وقبل الوصول إلى الحكم ، حيث نرى بالوجدان ، الفرق بين قولنا : «جميع الأشياء» ، وقولنا : «أحد الأشياء» ، فإنّ هنا في المثالين صورتين متغايرتين ، فالاستغراقيّة في المثال الأول ، والبدليّة في الثاني ، بقطع النظر عن تعلق أيّ حكم بهما.
وأمّا الفرق بين العموم الاستغراقي ، والمجموعي ، فسوف يتضح عند مناقشة النظرية الثانية التي تشارك نظريّة صاحب الكفاية (قده) في خصوص هذا الجزء ، أي في كون المجموعيّة والبدليّة ، والاستغراقيّة ، من شئون كيفيّة تعلق الحكم.
٢ ـ النظرية الثانية : وهي للمحقق العراقي (١) (قده) ، وقد بحث فيها نقطتين ، الأولى : في بيان الفرق بين الاستغراقية والبدلية ، والثانية ، في بيان الفرق بين الاستغراقية والمجموعية.
١ ـ النقطة الأولى : فقد ذكر فيها ، انّ الفارق بين البدلية والاستغراقيّة خارج عن مدلول أداة العموم ، فهما ، ليستا من شئون الحكم ، تماما كما ذكر
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ١ ـ ص ١٤٦.