وكونه يذكر شيئا مع الدلالة من قرينة حال أو مقال ، لا يكون منافيا مع الظهور الحالي المذكور ، إذن فالتخصّص ثابت للعام في الواقع ، بلحاظ هذه المرحلة من الظهور.
وأمّا في موارد المخصص المنفصل ، فلا تتم فيه هذه المحاولة ـ أي الأولى ـ يقينا ، باعتبار أنّ السيرة العقلائية دليل على حجية العام في الباقي ، فيدور أمر تخريج حجية العام في الباقي بين المحاولتين الثانية أو الثالثة.
وقد استعرضنا سابقا مؤيدات لكل منهما.
وهذه المؤيدات ، لميّة أو إنيّة لإحداهما في مقابل الأخرى ، لا يمكن أن تجعل برهانا ودليلا على بطلان الأخرى.
وعليه فتبقى المسألة في ذمة وجدان كل إنسان ، من أنّ المخصّص المنفصل ، هل يكون كاشفا عن انثلام الظهور الاستعمالي في العام ، أو الظهور الجدّي فيه ، ليرى أنّ وجدانه مع أيّ المحاولتين يتطابق.
بقي في المقام التنبيه إلى شيء ، وهو أنّ ما قاله صاحب الكفاية (قده) في محاولته واستعرضناه ، إنما هو في حجية العام في الباقي في العمومات الإنشائية ـ أعني المستعملة في مقام إنشاء الحكم ـ كما في قوله : «أكرم كلّ فقير».
وحينئذ نقول : هل يتعدّى هذا الكلام في البحث السابق منها ، إلى العمومات الإخباريّة كما لو قال : الإمام عليهالسلام ، «وجب إكرام كل فقير» أم لا؟.
قد يقال : انّ هذا العام الإخباري له مدلولان.
١ ـ المدلول الأول : هو ، استعمالي ، وهو قصد إخطار العموم.
٢ ـ المدلول الثاني : هو ، مدلول جدّي ، وهو قصد الحكاية والإخبار عن العموم ، وليس الجعل والإنشاء.