وحينئذ نقول : بعد إبطال الجواب الأول في المخصصات المتصلة ، يدور الأمر بين الجواب الثاني والثالث ، وقد عرفت أنّ كلا منهما فيه عناية ، مع انّنا ادّعينا عدم الشعور بها.
ويمكن الجواب عن هذا ، فيقال : إنّه لو طبّقنا محاولة صاحب الكفاية ـ أي الجواب الثاني ـ حيث يقال : إنّ اللفظ مستعمل في العموم ، وحينئذ لا يوجد عناية مجاز ، غايته ، انّه يثبت عدم الجدّية في جزء من المراد الاستعمالي.
وحينئذ نقول : إنّ الهزليّة وعدم الجدّية اللتين تثبتان للمتكلم ، وإن كانتا بعناية وخلاف ظاهر حال المتكلم ، لكن إنّما يكون كذلك ، فيما إذا كان هزلا بلحاظ مجموع الكلام ، لا بلحاظ جزء الكلام الذي لم يتم بعد.
ففرق بين هزل يسكت عليه ـ وهذا لا يناسب العاقل ـ وهزل يصحّحه ولا يسكت عليه ، باعتبار انه بلحاظ مجموع كلامه يكون جادا لا هازلا.
والأصل في العاقل ، أن لا يكون هازلا ، بالنسبة لمجموع الكلام.
وبهذا نستطيع أن نفسّر عدم العناية في المقام ، فإنّ هذا الهزل ليس على خلاف شأن العقلاء ، لأنه قد يصحّحه ولا يسكت عليه.
إذن فالصحيح في المقام هو ، التفصيل في المخصّصات المتصلة ، كما تقدّم في التعادل والتراجيح.