الفقير» ، حينئذ نعلم إجمالا ، بأنّ أحد الزيدين غير المشخّص عندنا خارج بهذا المخصّص عن عموم «أكرم كلّ فقير» ، لكن لا ندري ، أيّ زيد منهما هو الخارج ، هل هو زيد الآخر على إجماله هو الخارج أو لا؟
نعم يجوز التمسك بالعام ، لإثبات حكمه بوجوب الإكرام لعنوان الفرد الآخر غير الخارج بالمخصص ، وفائدة هذا الوجوب غير المشخص عندنا هو ، أنّه يتشكّل لدينا علم إجمالي بوجوب إكرام أحد الزيدين ، ونطبق على هذا العلم قواعد تنجيزه ، وإن كان الفرد الخارج متعيّن في الواقع ، فإنّه حينئذ ، يصبح التمسك بالعام كما عرفت في الفرع الثاني ، حيث ذكرنا هناك ، انّ هذا الفرد ـ وهو غير ما خرج بالمخصص ـ وهو الذي وقع مصبا لحكم العام ، تارة يكون متعينا في الواقع وفي أفق المخصص. كما في «لا تكرم زيدا الفقير» حيث لا بدّ من أن يكون قد أريد منه فردا معيّنا لم نعلمه ، حينئذ ، لا إشكال في صحة التمسك بالعام ، لأنّنا نطبق حكم العام على الفرد الآخر الذي لم يخرج بالمخصص ، مشيرين إليه بهذا العنوان الإجمالي ، فنقول : غير ما أريد بكلمة زيد يجب إكرامه.
وتارة أخرى ، يكون هذا الفرد الخارج غير متعيّن في الواقع وفي أفق المخصص نفسه ، فإنّه حينئذ لا يصح التمسك بالعام في غير ما خرج بالمخصص ، لأنّ العنوان الذي خرج بالتخصيص من تحت العام غير متعين ثبوتا ، ومعه ، فغير الخارج أيضا غير متعيّن ثبوتا ، ومعه ، لا يعقل أن نثبت بالعام وجوبا على فرد غير متعيّن في نفس الأمر والواقع.
وهذه المشكلة ، كنّا قد وضعنا لها حلا في الفرع الثاني ، أمّا هنا ، فسوف نواجه إشكالا حتى في فرض كون الفرد الخارج بالتخصيص متعيّنا في الواقع ، والذي كان لا إشكال فيه في الفرع الثاني ، ومثاله هو نفس مثالنا المتقدم ، «أكرم كلّ فقير» ، و «لا تكرم زيدا الفقير» ، فهنا : زيد الفقير متعين بحسب الواقع في أحد الفردين ، لكن مع هذا فإنّنا هنا ، نواجه إشكالا في التمسك بالعام.