إذن ، فمفهوم العام بعد التخصيص ، يصبح مرددا بين أن يكون هذا الخارج غير الكافر ، أو الكافر المختون ، إذن ، لا نحرز انطباقه على الكافر المختون.
وحينئذ قد يتوهم أنّ هذه المسألة مبنيّة على ذلك النزاع ، فإن قلنا بالأول ، أي انّ موضوع العام يبقى على بساطته ، إذن ، فالدوران يكون بين الأقل والأكثر ، وأمّا إذا قلنا إنّ العام يتحول ويصبح مركبا ، فيكون الدوران بين المتباينين ، ويكون موضوع العام غير محرز الانطباق على الفقير المختون ، إذن لا يصح التمسك بالعام لإثبات حكمه له.
لكن الصحيح هو إنّنا نتمسك بالعام على كلا التقديرين ، فيبقى الفقير الكافر المختون تحت العام على كل تقدير. وذلك لأنّ العام لو خلّي وطبعه فهو يدل على انّه ، لا عدم الكفر دخيل في حكمه ، ولا الختان دخيل في حكمه ، ولهذا يحكم بوجوب إكرام الفقير مطلقا قبل التخصيص ، إذ أنّ العام في نفسه له دلالتان ، الأولى ، هي أنّ عدم الكفر ليس دخيلا ، والثانية ، هي أنّ الختان ليس دخيلا ، فإذا انكشف بالمخصص انّ إحدى هاتين الدلالتين باطلة. وهي إمّا عدم الكفر له دخل ، وإمّا أنّ الختان له دخل.
وبعبارة أخرى ، إمّا الأخص دخيل ، وإمّا الأعم دخيل ، فحينئذ ، نسأل : إنّه هل يقع تعارض بين هاتين الدلالتين ، أو انّه لا يقع تعارض ، بل تسقط إحداهما بعينها دون الأخرى؟.
والصحيح هو الثاني ، وهو سقوط إحداهما بعينها ، لأنّ دلالة العام على أنّ الأخص ليس دخيلا في حكم العام ، لها أثر عملي ، وهو تعميم الحكم أكثر فأكثر ، ولكن دلالتها على أن الأعم ليس دخيل ، ليس لها أيّ أثر عملي إلّا المعارضة ، وكلّما تعارض دلالتان وكان لاحداهما أثر عملي دون الأخرى ، فتسقط ما ليس لها أثر عملي.
وهذا قانون عقلائي عام في باب الدلالات.