ثم إنّ هذا التقريب ، موقوف على كون هذا الأثر أثرا عرفيا ، بحيث تجري اصالة الإطلاق بلحاظه ، وأمّا إذا ادّعي انّ اصالة الإطلاق تحتاج إلى أثر في مرحلة مدلول الكلام لا في مرحلة الصفات الظاهرية ، حينئذ ، فإنّ هذا الكلام لا يتم.
٣ ـ الوجه الثالث : لإثبات كون العدم محموليا ، وهو مركب من أمرين.
أ ـ الأمر الأول : هو أن نستظهر من ضمّ العام إلى المخصص ، أو من أيّ قرينة أخرى ، إنّ العنوان الوجودي المأخوذ في الخاص والذي أخرج بالتخصيص ، يكون مانعا عن تأثير مقتضي الحكم ، وإنّ عنوان العام يكون مقتضيا للتأثير ، فمثلا ، حينما يرد «أكرم كل فقير» ، ويرد ، «لا تكرم الفقير الأموي» ، نقول : بأنّا نستظهر من ضم هذا المخصص إلى العام إنّ العنوان المأخوذ في العام وهو الفقير ، مقتضي لوجوب الإكرام ، وإنّ الأموية مانعة عن تأثيره ، إذن الفقير على الإطلاق واجد للمقتضي ، وإنّما لا يجب إكرام الأموي باعتبار مانعية الأموية.
ب ـ الأمر الثاني : هو انه بعد استظهار أنّ دخل الأموية في المطلب من باب دخل المانع ، إذن يتعيّن عقلا أن يكون المأخوذ في موضوع العام هو العدم المحمولي دون العدم النعتي ، لوضوح انّ الحكم لا يتوقف على أكثر من وجود المقتضي وانتفاء المانع كيفما اتفق ، وحيث انّ المفروض انّ الحكم ينشأ على طبق الملاكات ، فحينئذ يكون أخذ خصوصية زائدة في عدم المانع لغوا صرفا باعتبار ان مانعية المانع تزول بمجرد افتراض عدمه ، سواء طعّم هذا العدم بربط مخصوص أم لا ، فأخذ هذا الربط يكون على خلاف مقام الثبوت ، وحيث انّ مقام الإثبات يتطابق مع مقام الثبوت ، فيكون ذلك قرينة عقلائية ، على أنّ المأخوذ في مقام الجعل هو العدم المحمولي دون النعتي.
وهذا البيان ، إنما يتم فيما لو فرض انّ البديل للعدم المحمولي هو العدم النعتي ، فإنه حينئذ يقال : بأنه إذا كان العدم مأخوذا من باب عدم