ونحن نريد أن ننفي باصالة العموم ، التخصيص ، إذن ما نريده ناظر إلى مرتبة الجعل ، وهذه المرتبة هي التي ينظر إليها خطاب المولى.
نعم من باب الاتفاق ، لو علمنا من الخارج انّ هذه الخصوصيّة الجعلية ملازمة مع أمر خارجي معيّن ، وهو كون هذا غير قرشي ، أو إنه غير عالم ، فمجرد ذلك لا يوجب عدم جواز التمسك بالعام ، فلو علمنا انّ قوله «أكرم كل عالم» ، شموله ملازم لثبوت نجاسة هذا الثوب ، فهنا لا بأس بذلك.
إذن فهذه النكتة التي ذكرها العراقي (قده) للتفرقة غير صحيحة ، وإن كانت النكتة الوحيدة المبرزة.
والحاصل هو ، إنّ التبعيض في الحجية بالنسبة لبعض المداليل ، وإن كان معقولا ثبوتا ، لكن هو خلاف المرتكز العقلائي ، فالأمارية نسبتها إلى كل المداليل على حد واحد.
والتحقيق في المسألة هو أن يقال : إننا قد أشرنا سابقا إلى وجود تقريبين لاستفادة نفي فرديّة هذا الفرد المشكوك من تحت دليل العام.
وكان التقريب الأول يقول : إن الموجبة الكلية مستلزمة صدق عكس نقيضها ، وحيث انّ دليل العام يدل على الموجبة الكلية بالمطابقة ، إذن هو يدل على عكس نقيضها بالالتزام.
وكان التقريب الثاني يقول : إنّ دليل العام يرجع إلى قضية شرطية ، مفادها : إن كان هذا الإنسان قرشيا يجب إكرامه.
وهذه القضيّة الشرطيّة لم نعلم بكذبها في زيد ، وإنّما الذي نعلمه بالفعل في زيد من الخارج ، انه لا يجب إكرامه ، أي إنّا نعلم بكذب التالي لا كذب الشرطية ، فنجمع بين الأمرين ، فنأخذ الشرطية من دليل العام ، ونحكم بأنّ زيدا لو كان قرشيا لوجب إكرامه ، ونضم إليه علمنا بكذب التالي من الدليل الخاص الدال على عدم وجوب إكرام زيد ، فينتج كذب المقدّم ، لأنه متى ما علمنا الشرطية وعلم كذب التالي ، يتعيّن كذب المقدم ، فيثبت انّ هذا الإنسان ليس بقرشي.