بالمزاحم دائما ، وإن لم تكن درجته محددة ، وهذا بخلاف ما لو كان الشك في المراد ، حيث لا يوجد مزاحم نوعي.
وهذا فرق عقلائي بين الموردين ، يصح على أساسه جعل الحجية في مورد دون آخر.
هذا هو التفسير الأول الذي ذكرناه.
وأمّا التفسير الثاني : فهو انّ الظهور الذي وقع موضوعا للحجية عند العقلاء ، هو غير الظهور الذي يستدل به السيد المرتضى (قده).
وتوضيحه هو : انّ الظهور كحالة عامة ، لم ينعقد بناء العقلاء على حجيته مطلقا ، فمثلا ، كون ظاهر حال إنسان يسلك مسلكا خاصا إنّه فقير ، بينما إنسان آخر يسلك مسلكا آخر ، ظاهر حاله إنه غني ، وثالث نتيجة مسلكه ، ظاهر حال إنه غير ذلك ، وهكذا رابع وخامس إلى ما هنالك ، ومن الواضح انّه لا يمكن أن نبني على حجية كل هذه الظهورات ، وإنّما الظهور الذي هو حجة هو نوع خاص من الظهورات ، فإذا نحن اكتشفناه ، سوف يتضح حينئذ ، انّ موارد استدلالات السيد المرتضى (قده) خارجة عنه موضوعا ، وتشخيص هذا النوع ، يقرّب بأحد تقريبين.
١ ـ التقريب الأول : هو أن نقول : بأنّ الظهور الذي جعله العقلاء حجة ، إنّما هو خصوص الظهور الواقع في طريق تشخيص مدلول الخبر ـ أي انّه يحقّق صغرى حجية الخبر ـ.
وحينئذ نقول : لو فرض انّ إنسانا قال : رأيت «أسدا» ، ونحن لا ندري ، هل انّه قصد الحيوان المفترس ، أو الرجل الشجاع ، لكن ندري على كل حال ، انّ هذا إخبار منه ، فهنا نقول : إنّ دليل حجية الخبر منطبق في المقام ، لأنّه أخبر بخبر ونحن لم نعلم ما ذا أراد ، وحينئذ يكون الظهور حجة ، لأنّ الظهور هو الذي يعني صغرى الخبر ، أي عن أيّ شيء أخبر وقد ثبت انّه أخبر عن رؤية الحيوان المفترس ، أي المعنى الحقيقي للخبر ، بحيث لو لم يكن قد رآه واقعا يكون كاذبا أو مخطئا.