إذن ، مدلول كلمة «عالم» ليس الطبيعة المطلقة ، وإنّما مدلولها اللفظي هو الطبيعة المهملة الجامعة ، وإنّما نخرجها من الإهمال إلى الإطلاق ، بإجراء مقدمات الحكمة.
وحينئذ ، فلو فرض انّ مدلول كلمة «عالم» أخرجناه أولا من الإهمال إلى الإطلاق بإجراء مقدمات الحكمة فيه ، وصيّرناه مطلقا ، ثم بعد ذلك أرجعنا الضمير إليه ، بحيث كان إرجاع الضمير إليه في طول إجراء مقدمات الحكمة في كلمة «عالم» فحينئذ يلزم الاستخدام ، لأنّ المرجع أريد به الطبيعة المطلقة والراجع ـ وهو الضمير ـ أريد به البعض ، وهذا هو معنى الاستخدام.
وأمّا إذا فرضنا انّا أرجعنا الضمير إلى المدلول اللفظي الوضعي لكلمة عالم ـ الطبيعة المهملة ـ قبل إجراء مقدمات الحكمة ، ثم أجريناها بعد ذلك في عرض واحد في كل من المرجع والضمير معا ، وحينئذ ، لو فرض انّ مقدمات الحكمة اختلفت في جانب الضمير ، لعلمنا بأنّ المراد من الطبيعة المهملة في الضمير هو المقيد ، فلا موجب حينئذ لرفع اليد عن مقدمات الحكمة في المرجع ، بل نجريها فيه ولا يلزم الاستخدام ، لأنّ معنى الاستخدام ، اختلاف الضمير الراجع مع مرجعه ، وهنا لا تخالف بينهما ، لأنّ كليهما مدلوله الطبيعة المهملة ، وإنّما اختلفا في المرحلة اللاحقة ، بينما كانت عملية الإرجاع في المرتبة السابقة على إجراء مقدمات الحكمة.
وبناء على ذلك ، لا مانع من التمسك باصالة الإطلاق في المقام ، حتى مع العلم بإرادة البعض من الضمير ، ولا يلزم محذور الاستخدام لتكون اصالة عدم الاستخدام منافية لاصالة الإطلاق.
وهذا الكلام ، ينتج عنه أمر غريب ، وهو كون الإطلاق أقوى من العموم بحسب النتيجة ، لأنّ العام سقط ظهوره لمّا اقترن بضمير يرجع إلى بعض أفراده ، بخلاف المطلق ، حيث لم تسقط دلالته وحجيته إذا اقترن بضمير يرجع إلى بعض أفراده.