فيكفينا الكلام الأول في إثبات إجمال العام ، وعليه : فلا يفرق الحال ما بين الفرضيتين من حيث النتيجة ، إذ انّ العام في كليهما يبقى مجملا.
والخلاصة هي انّه إذا ورد عام حكم عليه بحكم ، ثم تعقّبه ضمير ، وكان المراد منه بعض أفراد العام ، فإمّا أن يكون المراد منه الجدّي ، أو الاستعمالي ، حينئذ لا يمكن التمسك بالعام.
بقي في المقام تنبيهان :
١ ـ التنبيه الأول : هو أن يفرض انّنا نتكلم في المطلق ، كما لو لم يكن هذا عام ، بل كان مطلق ، وذلك كما لو كان العنوان عنوان «عالم» ، بدلا عن «كل عالم». فلو قال المولى : «أكرم العالم وقلّده» ، ثم علمنا انّ التقليد يختص بخصوص المؤمن العادل. فحينئذ يقع الكلام في انّه هل يبقى للفظ العالم إطلاق لغير المؤمن العادل بلحاظ الحكم الأول ، أم انّه لا يمكن كما لم يكن ممكنا التمسك بالعموم. وحينئذ ، فلا يمكن التمسك بالإطلاق؟
وهنا قد يقال : بأنّ علمنا بإرادة بعض العلماء من الضمير في قوله «وقلده» ، لا ينافي حمل المطلق على إطلاقه ، إذ لا يلزم من ذلك ، مع هذا العلم ، الاستخدام الذي كان هو المحذور في الفرضية السابقة ، «فيما إذا تعقّب العام ضمير ، وأريد به بعض أفراد العام» فإنّه فيها ، لو كان عام وحمل فيها العام على العموم مع انّ الضمير أريد منه البعض ، كان يلزم الاستخدام ، وكانت اصالة عدم الاستخدام هي المنافية للتمسك باصالة العموم والموجبة لإجماله ، لكن في المقام لا يلزم ذلك ، حيث لا مزاحم لاصالة الإطلاق في كلمة ، «العالم» ، وذلك باعتبار انّ الإطلاق إنّما يثبت في المطلقات بمقدمات الحكمة وبنحو تعدد الدال والمدلول ، وليس داخلا في المدلول اللفظي للمرجع وضعا ، فإنّ أسماء الأجناس موضوعة للطبيعة المهملة الجامعة بين المطلق والمقيد ، فحينما يراد منه المطلق أو المقيد ، فإنّما يراد بنحو تعدد الدال والمدلول ، بأن يكون لفظ «عالم» دال على الطبيعة المهملة ، ومقدمات الحكمة ، دالة على الإطلاق ، أو تكون القرينة الأخرى دالة على التقيد إذا أريد منه المقيد.