وعليه : فلا يمكن تقييد الضمير مع إطلاق المرجع إلّا بالاستخدام ، وفي جميع الأحوال تكون النتيجة في الضمير مع المطلق ، هي نفس النتيجة في الضمير مع العام.
ومن خلال مجموع هذا الكلام ، يمكن انتزاع حل للشبهة الثانية ، وهي أنّه ينبغي تصور التطابق بين الضمير والمرجع ـ لا في مرحلة المدلول الجدّي ، ولا في مرحلة المدلول التصديقي الاستعمالي ـ بل في مرحلة المدلول التصوري البحت ، بدليل انّه حينما نسمع جملة ، «أكرم العالم وقلده» ، من نائم ، فسوف تنتقش في ذهننا صورة إجمالية لذلك المعنى ، فهنا ، هل إنّ تلك الصورة المنتقشة ، يتطابق فيها الضمير ، مع المرجع ، تصورا أم لا؟ فإن حصل هذا التطابق ، فهذا يعني : إنه يجب حفظ هذا التطابق أيضا في مرحلة المدلول التصوري قبل أن نصل إلى مرحلة المدلول الاستعمالي فضلا عن مرحلة المدلول الجدي ، وحينئذ ، لا معنى للقول : بأنّ الضمير موضوع لإفادة ما يراد من مرجعه ، لأنّ هذا معناه : ربط الضمير بالمدلول الاستعمالي للمرجع على الأقل ، بينما في كلام «النائم» لم يرد شيء جدا ، مع انّ التطابق بين الضمير والمرجع موجود.
وهذا التطابق بين المرجع والضمير ، حلّه ما ذكرناه سابقا ، من انّ هذا الضمير هنا ، ليس دالا على صورة جديدة ، ليقال : إنّ هذه الصورة الجديدة لا معنى لتطابقها مع تلك الصورة في مرحلة المدلول التصوري ، بل الضمير مجرد إشارة إلى ذلك المدلول التصوري للمرجع ، والصورة واحدة فيهما ، إذن فلا يضر التطابق بينهما ، وعليه ، فلا معنى هنا لعدم التطابق في عالم التصور فضلا عن عالم التصديق.
فالتطابق في الحقيقة هو ، نتيجة انّ لفظ الضمير لم يوضع تأسيسا لمعنى فرض فيه التطابق ، بل وضع لمفهوم إجمالي يستخدم كمشير إلى ما يدل عليه المرجع ، ومن هنا ، كان لا بدّ من حصول المطابقة ، إذ لو لا المطابقة ، لما كان في المقام إشارة.