والإثبات إنّما يلحظ بالنسبة إلى تمام مقام الإثبات ، أي تمام الوحدة الكلاميّة ، وليس بالنسبة إلى كلّ جزء جزء ، فحينما يأتي في أثناء الكلام ظهور متصل ، كالمخصّص المتصل ، لا يبقى حينئذ ظهور تصديقي حالي في أنه يريد العموم ، وبهذا يكون رافعا للظهور يقينا ، وحينئذ ، لو فرض انّه أراد الخصوص ، لكان هناك تطابق إذن ، بين مقام إثباته وثبوته.
ونفس هذا الملاك ، قد يجري مع الشك في ارتفاع الظهور ، وذلك في موارد إجمال المخصص ، كما لو ورد ، «أكرم كلّ فقير» ، و «لا تكرم فسّاق الفقراء» ، وتردّد أمر الفاسق بين مرتكب الصغيرة أو هو مع الكبيرة أيضا ، أي تردد أمر الفاسق بين الأقل والأكثر ، فحينئذ ، هنا ، بالنسبة لفاعل الصغيرة ، لا يمكن التمسك بالعام ، وذلك لأنّ العام هنا قد اقترن بما يصلح للقرينيّة ، ولهذا يصير الكلام مجملا ، لأنّ ظاهر حال المتكلم أن يكون مقام إثباته متطابقا مع مقام ثبوته بحسب الفهم الكامل لقواعد اللغة ، وقد يفرض أنّ إنسانا لا يعلم معنى لفظ «فاسق» لعدم معرفته باللغة.
ونحن وإن كنّا لا نفهم الإطلاق من كلمة «الفاسق» لفاعل الصغيرة ، لكن نحتمل دلالتها على مطلق فاعل الذنب بحسب واقع اللغة ، ومعنى هذا ، إنّنا نحتمل أنّ هذا المتكلم لو كان يريد من الفقراء «الفساق» غير فاعل الذنب مطلقا ، لكان مقام إثباته متطابقا مع مقام ثبوته عند العارف باللغة ، واحتمال ذلك معناه : احتمال أن لا يكون هناك ظهور ، هذا أحد الملاكين في زعزعة الظهور.
وكأنّ نظر الميرزا (قده) إلى خصوص هذا الملاك. وإن لم يبرزه بهذه الصياغة ، وحينئذ نقول : انّ هذا الملاك لا ينطبق على محل الكلام ، أي في مورد العام مع الضمير الراجع إلى بعض أفراده ، لأنّ هذا العام في مقابله يوجد ظهور الضمير في عدم الاستخدام.
وقد فرغنا من عدم كون هذا الظهور حجة ، لأنّ اصالة عدم الاستخدام لا تجري في مثل المقام بحسب الفرض ، لأنّ موردها هو الشك في المراد ، والمراد هنا معلوم ، ومعنى انّه ليس بحجة ، يعني انّ العقلاء لا يعوّلون على هذا الظهور في