مقام التفهيم ، وإلّا لو عوّلوا عليه ، فهذا عبارة أخرى عن انعقاد السيرة على العمل بهذا الظهور ، ومع عدم تعويل العقلاء على هذا الظهور ، لا يكون حينئذ موجبا لإجمال ظهور العام في نفسه ، بدعوى انّ العام لو كان مراد المتكلم البعض منه ، فحينئذ ، لم يتطابق مقام إثباته مع مقام ثبوته.
فإن قيل إنّ هناك ظهور يدل على ذلك ، قلنا : انّ هذا الظهور المدّعى لا يعوّل عليه في مقام الإفهام إثباتا ، والمفروض انّ الظهور ينبغي أن يكون بنحو يعوّل عليه العقلاء ، فلو أراد المتكلم أن يعتذر ويقول : إنني أردت البعض بقرينة الضمير.
قلنا : انّ هذا الضمير لا يصلح للقرينيّة.
وكأنّ الميرزا (قده) على ضوء هذا الكلام ، ناظر إلى حصر الملاك بالأول ، بينما يوجد ملاك ثاني.
٢ ـ الملاك الثاني : هو انّ مجرّد اقتران ظهور العام في العموم ـ الذي هو موضوع الحجية ـ بكشف تصديقي متصل به في الكلام ، معاكس له في المفاد ، وإن لم يكن حجة فإنه موجب لضعف ذلك الكشف وتزلزله تكوينا ، لأنّ كون هذا الكشف ليس بحجة لا يخرج عن كونه كشفا ظنيا دخيلا في تحديد وتركيز ذهن السامع حينما يريد اقتناص المرام من الكلام.
فهذا الكشف ، عدم حجيته شيء ، وكونه مزاحما مع كشف العام ومنافيا له شيء آخر إذ لا ملازمة بينهما ، فيقال : إنّ بناء العقلاء لم ينعقد على حجية ظهور في الكلام ابتلى بظهور آخر متصل في نفس الكلام ومكذّب له ، مثل هذا الظهور لا يكون حجة ، وإن لم يكن الظهور الآخر في نفسه حجة ، لعدم الملازمة بينهما ، فضلا عن انّ دليل حجية ظهور العام في العموم ، لا يشمل ما إذا كان مزاحما مع ما يوجب إجماله ، وإن لم يكن حجة.
وهذا يرجع بحسب الحقيقة ، إلى تضييق في دائرة دليل الحجية ، وعلى هذا الأساس ، يكون موجبا للإجمال.