١ ـ الأمر الأول : هو انّ مفهوم الموافقة لا يمكن التصرف فيه ابتداء بدون التصرف في المنطوق ، وذلك لأنّ المعارضة مع المفهوم ، تسري إلى المنطوق ، للملازمة بينهما كما تقدم ، ومعه ، لا يمكن في مقام علاج التعارض بين المفهوم ومعارضه أن نتصرف بمفهوم الموافقة من دون علاج المعارضة بين المنطوق والمعارض ، بدعوى انّ المعارضة إنما تسري إلى المنطوق تبعا للمعارضة في المفهوم ، فلو قيّدنا المفهوم ورفعنا اليد عنه أو عن إطلاقه ، تنحل المعارضة ، وذلك لأنّ هذا المفهوم لا يمكن رفع اليد عنه ذاتا أو إطلاقا مع التحفظ على المنطوق ، لأنّ المنطوق يستلزمه ويدل عليه دلالة قطعية ، ولا معنى للتصرف فيها فقط.
وعليه ، فإذا اقتضى أمر «ما» تقديم العام على المفهوم ، فلا يمكن تقديمه عليه فقط ، بل لا بدّ من التصرف في أصل المنطوق أو لا بمقدار ما يقتضيه واقع ذلك الأمر ، لأنّ الدلالة الثانية قطعيّة بخلاف الأولى ، فإنها ظنيّة.
وهذا كله بخلاف مفهوم المخالفة ، لأنه لو قدّم العام عليه ، لا يلزم منه التصرف في المنطوق ، بل يكفي فيه أن نتصرف في المفهوم وحده ، وذلك لأنّ دلالة الكلام عليه في عرض دلالة الكلام على المنطوق ، فهما مدلولان للكلام في آن.
٢ ـ الأمر الثاني : هو انّه في مقام التعارض بين مفهوم الموافقة ومعارضه ، لا نلحظ النسبة بين مفهوم الموافقة ومعارضه إذا أردنا أن نقدم مفهوم الموافقة ، لأنه أخص ، بل نلحظ الأخصية ـ النسبة ـ بين مدلول الكلام بما هو مدلول الكلام ، والمعارض.
وتوضيحه : هو انّ مفهوم الموافقة قد يكون من تبعات منطوق ثابت بسبب إطلاق الدليل.
أو قل : قد يكون مفهوم الموافقة لازما لإطلاق المنطوق ، وقد يكون من تبعات منطوق ثابت بأصل الدليل.