أو قل : قد يكون مفهوم الموافقة لازما لمنطوق ثابت بأصل الدليل ، فلو فرض انّ إطلاق الدليل أثبت حكما منطوقيا ، وهذا الحكم المنطوقي أثبت بدوره حكما مفهوميا ، ثم وقع التعارض بين هذا الحكم المفهومي وبين عام «ما» فحينئذ نلحظ كيفية دلالة إطلاق المنطوق على أخصيّة مفهوم الموافقة بالنسبة إلى العام ، لأنّ الأخصيّة إنّما تكون قرينة عرفية على تقديم أحد المتعارضين عند ما تكون أخصيّة بلحاظ مدلول الكلام بما هو مدلول الكلام ، لا أخصيّة لمدلول من مدلولات إطلاق الكلام ، كما عرفت سابقا في القوانين الأوليّة في بحث العام والخاص ، إذن ، فالمفهوم بما هو هو لا أثر لأخصيّته ، بل لا بدّ من لحاظ منشئه.
ومن هنا نقول : إذا كان مفهوم الموافقة لازما لأصل المنطوق وكان أخصّ من العام ، حينئذ ، يقدّم عليه ، لأنّه حينئذ ، يكون مدلولا للكلام بما هو كلام ، غاية الأمر انه مدلول التزامي عرفي له ، ولا يفرّق في القرينة بين كونها مدلولا مطابقيا وبين كونها مدلولا التزاميا عرفيا ، أمّا إذا كان مفهوم الموافقة لازما لإطلاق المنطوق ، فلا يكون أخص ، ومعه ، لا موجب لتقديمه بلحاظ الأخصيّة.
ثم إنه في مورد تعارض مفهوم الموافقة مع العام ، تارة يكون التعارض بينه وبين العام ، دون أن يكون تعارض بين المنطوق والعام ، بقطع النظر عمّا للمنطوق من مفهوم ، كما لو ورد : «أكرم الجار العادل للهاشمي الفاسق» ، «ولا تكرم الفساق» ، فهنا لا تعارض بين المنطوقين ، وإنّما التعارض بين مفهوم الموافقة للكلام الأول ، والعموم في الكلام الثاني ، لأنّ قوله ، «أكرم الجار العادل للهاشمي الفاسق» ، يدل بطريق أولى على «إكرام الهاشمي الفاسق» ، وهو يعارض عموم المنطوق في الكلام الثاني «لا تكرم الفساق».
وأخرى يكون التعارض بين المنطوق والعام ، مع قطع النظر عن المعارضة بين المفهوم والعام ، كما لو ورد : «أكرم جار الهاشمي» ، و «لا