الدلالة الأولى وتقديمها ، رفع اليد عن إطلاق المطلق بالنسبة لغير من يحتمل فيه هذه الخواص ، وأمّا من يحتمل فيه فيكون عموم العام ثابتا فيه.
٢ ـ الوجه الثاني : في تفسير تقديم المفهوم على عموم العام على أساس الفرضية الثانية هو أن يقال : إنّ التعارض وإن كان بين إطلاقين ، لكن أحد الإطلاقين وهو إطلاق «أكرم العالم» ، في جانب الموضوع ، أي إنه مأخوذ في مرتبة الموضوع ، والآخر محمولي ، أي انّه مأخوذ في جانب المحمول ، وهو إطلاق الشرطية ، لأنّ موضوعه حصة من موضوع العام.
وحينئذ : ففي مثله ، أي كلّما كان التعارض بين هكذا إطلاقين يقدم الإطلاق في جانب المحمول على الإطلاق في جانب الموضوع لأنه أخص مطلقا من موضوع العام فيقدم عليه ، فإنّ الإطلاق في «أكرم العالم» ، موضوعي حيث انّه مأخوذ في مرتبة الموضوع ، لأنّ موضوع وجوب الإكرام هو طبيعي العالم ، بينما الإطلاق في الشرطية هو في المحمول ، لأنّ موضوعها هو حصة من موضوع العالم ، وهو العالم حين العدالة ، إذن ، فمن حيث الموضوع أحدهما أخص من الآخر ، وإن كان من ناحية المحمول ، العام أعم ، لكن العبرة بالموضوع.
وهذه قاعدة تطبّق على موارد كثيرة في الفقه.
منها : ما ورد من قوله : اغسل يديك من أبوال ما لا يؤكل لحمه مرتين ، ثم ورد ، اغسل من بول الصبي ، فهذان الدليلان لوحظ الموضوع فيهما ، فإنّ أحدهما أخصّ مطلقا من الآخر ، لأنّ موضوع الأول مطلق البول ، وموضوع الثاني ، بول الصبي ، لكن لو لوحظ المحمول ، فهو مطلق من حيث التعدد وعدمه ، بل يدل على عدم وجوب التعدّد بالإطلاق. وحينئذ قد يقال هنا : إنّ التعارض بين إطلاق الموضوع في الدليل الأول ، وإطلاق المحمول في الدليل الثاني ، ولا موجب لتقديم أحدهما على الآخر.
وقد يقال : بتقديم الثاني ، لأنّه أخص مطلقا من حيث الموضوع ، وإن كان أعم من حيث المحمول.