بالتخصيص ، لأنه كلّما كان نتيجة الإطلاق التعيين في الفرد ، كان أخص مطلقا ، والعرق إنّما يأخذ النتيجة النهائية للإطلاقين ، وهو تخصيص إطلاق بني فلان ، بإطلاق أكرم عالم البلد بعد تعيينه في زيد ، لأنه أخص منه ، فيقدم عليه. وحينئذ ، نطبق هذه النكتة على تخصيص العموم النافي للوجوب في «لا تكرم أحدا من بني فلان» ، «بأكرم فلانا» ، بناء على أنّ صيغة «افعل» تدل على الوجوب بالإطلاق والانصراف إلى أكمل الأفراد ، وحينئذ ، لا نقول : بأنّ هنا تعارضا بين إطلاقين ، بل نقول : بتحكيم «أكرم فلانا» في «لا تكرم بني فلان» ، باعتبار أنّ الإطلاق الأول ينتج التعيين ، فيكون أخص مطلقا.
ونفس هذا الكلام نطبقه في محل الكلام ، فيقال : إنّ إطلاق الشرطية هنا ، يقتضي تعيين العليّة الانحصاريّة ، وحينئذ ، نأخذ النتيجة النهائية ونقول : انّ هذا أخصّ مطلقا من ذاك ، فيقدم عليه.
إلّا أنّ هذا الكلام ، كلّه تقدير في تقدير ، وإنّما الصحيح هو الفرضيّة الأولى ، وهي انّ الشرطية تدل على المفهوم بالوضع ، ومعه تكون النتيجة هي تقديم المفهوم لأنه أخص مطلقا على عموم العام ، سواء كان عموم العام بالوضع أو بالإطلاق ، متصلا أو منفصلا.
وأمّا إذا فرضنا انّ دلالة الشرطية على أصل مفهوم المخالفة كانت بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، فحينئذ ، قد يستشكل في تقديم المفهوم على العام ، فيما إذا كان عموم العام ثابتا بمقدمات الحكمة والإطلاق أيضا ، وذلك للتكافؤ بينهما حينئذ.
وكنّا قد ذكرنا ثلاثة حلول لتفسير تقديم المفهوم على العام ، وقد عرفت انّا لم نرتض الأول وكذلك الثاني ، ثم بيّنا الحل الثالث وسكتنا عنه ، ولكن أيضا لا يمكن الالتزام به لتفسير تقديم المفهوم.
وذلك لأنّ هذا الحل كان مبنيا على مقدمة حاصلها : هو أنّ الإطلاق على قسمين.