أ ـ القسم الأول : هو أن يكون الإطلاق منتجا للتوسعة ، مثل : «أكرم العالم».
ب ـ القسم الثاني : هو أن يكون الإطلاق منتجا للتضييق والتعيين ، مثل : «أكرم عالم البلد» ـ بنحو القضية الخارجية ـ ومثال الإطلاق في الأول يقتضي عدم اختصاص الإكرام بشخص معيّن ، بينما مثال الإطلاق في الثاني ، يقتضي الانصراف إلى أكمل وأشهر الأفراد ، وحينئذ ، لو فرض أن تعارض إطلاقان وكانا من قبيل القسم الأول ، يكونان متكافئين لأنهما معا بالإطلاق ، وإذا فرض أنه تعارض إطلاقان وكان كلاهما من قبيل القسم الثاني ، فأيضا يتكافئان فيتعارضان ، كما في «أكرم عالم البلد» ، و «لا تكرم الشيخ» ، وكان كل منهما ينصرف إلى عين ما ينصرف إليه الآخر ، وثالثة ، يفرض انّ أحد الإطلاقين من القسم الأول ، والآخر من القسم الثاني ، وكان أحدهما موجبا للتوسعة ، والآخر موجبا للتضييق ، كما لو قال : «لا تكرم بني فلان» ، ثم قال : «أكرم عالم البلد» ، وكان عالم البلد ينصرف إلى الأكمل ، وكان هذا الأكمل من بني فلان ، وحينئذ ، يكون التعارض بين إطلاقين ، ويكون هذا الفرد الأكمل مشمولا لكلا الإطلاقين فيتعارضان فيه.
وهنا يتعامل العرف مع الدليلين معاملة الخاص والعام ، ويكون الأول ـ «أكرم عالم البلد» ـ واردا على الثاني ـ «لا تكرم بني فلان» ـ فيخرج هذا الفرد تخصيصا من عموم ـ «لا تكرم بني فلان» ـ باعتبار انّ العرف عند ما يريد أن يشخص القرينة من ذي القرينة ، يلحظ النتيجة النهائية المعطاة لكل من الدليلين ، فإذا لاحظ النسبة بينهما ، فيرى انّها نسبة العموم والخصوص المطلق ، فيقدم الخاص ، وبهذا صحّت قرينيّة الكلام الثاني على الأول.
وهذه مقدمة كليّة صحيحة في نفسها ، وقد ذكرنا لها مثالا فقهيا في باب الوجوب ، ثم طبقناها على التقريب الثالث من محل الكلام حيث قلنا : إنّ إطلاق «أكرم العالم» يقتضي التوسعة ، وأمّا إطلاق الترتب في الشرطيّة في قوله : «إذا كان العالم عادلا فأكرمه» ، فإنه يقتضي التعيين لا التوسعة ، وهذان